لا يجوز توزيع الميراث حال الحياة؛ لأن الإرث مرتبط بموت المورث وثبوت حياة الوارث بعده، والوصية للورثة باطلة نصًا وإجماعًا؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).
أن الذي يصح هو الهبة الناجزة المقبوضة حال الحياة مع مراعاة وجوب العدل بين الأولاد للذكر مثل الأنثى لجميع الأولاد.
إن كلمة الميراث تطلق على ما تركه الميت من عقار أو مال أو حقاً من الحقوق الشرعية ، مشيرا إلى أن علم الميراث يسمى بعلم الفرائض ؛ وذلك لقوله تعالى (فريضة من الله ) ولقوله ــ صلى الله عليه وسلم ــ : ( تعلموا الفرائض وعلموها ).
أن الإسلام شرع الميراث لتحقيق الأمن والأمان في المجتمع وأيضا تحقيق الترابط والتماسك ، موضحاً أن الإسلام يعمل على تفتيت الثروة ، وذلك من خلال الميراث ، وبالتالي فهو يعمل على تنمية المال واستثماره ،كما أن الإسلام أول من وضع قواعد الاقتصاد العالمي؛ وذلك لقوله تعالى {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا }.
أن المال ليس ملكا للفرد ، وإنما ملك للمجتمع ؛ بدليل أن الله تعالى وضع نظاماً للإنفاق؛ وذلك لقوله تعالى (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ) أن الإسلام أعطى الحق في الحجر على المبذر ، وسماه سفيهاً ، يقول تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ) ، واختلف السلف في المراد بالكنز المذكور في القرآن والحديث ، فقال أكثرهم: هو كل مال وجبت فيه الزكاة فلم تؤد، فأما مال أخرجت زكاته فليس بكنز،وقال ابن عمر: ما أدي زكاته فليس بكنز ، وإن كان تحت سبع أراضين، وكل ما لم تؤد زكاته فهو كنز وإن كان فوق الأرض. ومثله عن جابر، وهو الصحيح.، وروى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ـ: (من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته ، مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ، ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - ثم يقول أنا مالك أنا كنزك).
وأوضح أن الله ـ سبحانه وتعالى ــ جعل الفقير شريكا للغنى في المال ، وذلك لقوله تعالى (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم " ، مشيرا إلى أن الزكاة هنا تعنى المفروضة ، وقيل : إنه حق سوى الزكاة يصل به رحما ، أو يقري به ضيفا أو يحمل به كلا ، أو يغني محروما . وقاله ابن عباس ؛ لأن السورة مكية، وفرضت الزكاة بالمدينة . وأيضا قوله تعالى في سورة "سأل سائل" {والذين في أموالهم حق معلو للسائل والمحروم} والحق المعلوم هو الزكاة التي بين الشارع قدرها وجنسها ووقتها ، فأما غيرها لمن يقول به فليس بمعلوم، لأنه غير مقدر ولا مجنس ولا موقت .
أما في قوله تعالى : " للسائل والمحروم " السائل الذي يسأل الناس لفاقته قاله ابن عباس وسعيد بن المسيب وغيرهما "والمحروم" الذي حرم المال .
أن الإسلام أعطى الفقير الحق في المال وذلك لتحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي ، موضحاً أن الفقير عندما يعلم بأنه شريك في مال الغنى سوف يدافع عنه من الاغتصاب أو السرقة وغيرها .
وأشار إلى أن الإسلام وضع نظاماً دقيقاً في الميراث ؛ وذلك لقوله تعالى {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا} مشيرا إلى أنه لا عبرة بقلة المال أو كثرته مادام النصيب محددا من قبل الله ، موضحاً أنه لا يجوز للمسلم أن يمنع صاحب حق عن حقه وإلا يكون قد أكل مال الناس بالباطل ، وذلك لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً ) وأيضا أن العبد لا تقبل منه طاعة ؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام : (وأعلم أن اللقمة الحرام إذا وقعت في جوف أحدكم لا يتقبل عمله أربعين ليلة( "إسناده فيه نظر" وقوله تعالى (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).
أن الإسلام حينما أعطى المرأة نصف الرجل في مقابل ما كلف الرجل به وما خفف المرأة فيه ، موضحاً أن الرجل عليه مهر وتكاليف زواج وإنفاق على الزوجة ، بالإضافة إلى أنه مسئول عن والدته وإخواته وصلة رحم.
وتطرق إلى مسألة حرمان الأقارب من الميراث ، مشيرا إلى أن هنالك كثير من الناس وخاصة من لدية بنات يكتبون التركة كاملة لبناتهم ؛ خشية أن يورث الأقارب، مشيرا إلى أن ذلك مخالف لشرع الله ؛ وذلك لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :("أيها الناس .. إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث" وحفظًا لحقوق الوارثين منعَ الوصية بأكثر من الثلث أو لمستحق للميراث "ولا تجوز لوارث وصية ولا تجوز وصيةٌ في أكثر من الثلث"..
أنه من حق الإنسان في حياته أن يؤتى بناته ما يشاء من غير حرمان الآخرين ، مشيرا إلى أن ذلك من باب التيسير وفقا للقاعدة الفقهية "الأمور بمقاصدها" ، موضحاً أن الحكمة من ذلك أن الإسلام جعل رابطة بين البنات وأقرب العصابات لأنه بعد وفاة الأب هن في حاجة إلى من يساعدهن وليجدن حضناً دافئاً آمنا .
و مسألة تخصيص شيء لأحد أفراد الأسرة دون الآخر، مشيرا إلى أنه إذا كان لأمر شرعي فلا مانع منه شرعاً ، وخاصة في حالة إذا كان هذا الفرد مريضا ويحتاج مساعدة ويخشى عليه بعد وفاته ، وذلك مثلما فعل سيدنا أبو بكر الصديق عند وفاته خصص للسيدة عائشة قطيعاً من ماله يكون لها مدى الحياة ( حق الرقبة ) ، وبعد وفاتها يوزع على الورثة . وأيضا في حالة إذا كان الولد يعمل مع والده في إدارة عمله ، مشيرا إلى ما رواه محمد بن إسحاق عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن النعمان بن بشير أن أباه أتى به إلى رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : إني نحلت ابني هذا غلاما ، فقال : ( أكل ولدك نحلت مثله ؟) . قال : لا . قال : ( فارجعه ) .