ماذا قالوا عند الموت؟!
محمد صالح المنجد
عناصر الموضوع :
معنى : (نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا )
علماء الصحابة عند الموت
علماء التابعين عند الموت
أقوال عند الموت تدل على حسن الخاتمة
من أبرز العلماء المتأخرين الذين فقدتهم الأمة
نقصان أطراف الأرض هو موت العلماء
عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: (ننقصها من أطرافها)
قال: [موت علمائها وفقهائها، وذهاب خيار أهلها].
الصحـــــابة عند المــــــــوت
أبو هريرة :
لما حضرت أبا هريرة رضي الله عنه المنية بكى
فقيل:ما يبكيك ؟ قال: [على قلة الزاد وشدة المفازة، وأنا على عقبة هبوط إما
إلى الجنة أو إلى النار، فما أدري إلى أيهما أصير، وقال: اللهم إني أحبَّ
لقاءك، فأحب لقائي].
معاذ بن جبل لما حضرته الوفاة:
قعد يزيد بن عميرة السكسكي على رأسه يبكي، فنظر إليه معاذ ، فقال:
[ما يبكيك؟ فقال له يزيد : أما والله لا أبكي لدنيا كنت أصيبها منك، ولكني
أبكي لما فاتني من العلم
فقال له معاذ : إن العلم كما هو لم يذهب، فاطلب العلم من بعدي عند أربعة:
عند عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن سلام ، وعويمر أبي الدرداء ، وسلمان
الفارسي ] وقبض معاذ ولحق يزيد بـالكوفة ، فأتى مجلس عبد الله بن مسعود ،
فلقيه
فقال له ابن مسعود : [إن معاذ بن جبل كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ].
قول أبي ذر عند الموت:
لما اعتزل ابو ذر في الربذة ، وحضرته الوفاة، أوصى امرأته وغلامه،
فقال: (إذا مت، فاغسلاني وكفناني، وضعاني على الطريق، فأول ركبٍ يمرون بكم،
فقولا:هذا أبا ذر فلما مات، فعلا به ذلك، فاطلع ركبٌ فما علموا به حتى
كادت ركائبهم تطأ السرير، فإذا عبد الله بن مسعود في رهط من أهل الكوفة ،
فقال: ما هذا؟ قيل: جنازة أبي ذر ،
فاستهل ابن مسعود يبكي، وقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.. يرحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده، فنزل فوليه بنفسه حتى أجله، -أي: في الأرض-) .
حذيفة بن اليمان عند الموت:
لما كان عند السحر، قال:أعوذ بالله من صباح إلى النار ثلاث مرات،
ثم قال:اشتروا لي ثوبين أبيضين، فإنهما لن يتركا عليَّ إلا قليلاً حتى أبدل بهما خيراً منهما، أو أسلبهما سلباً قبيحاً].
سلمان الفارسي عند وفاته:
جعل يبكي، فقيل له: (ما يبكيك؟ ألست فارقت رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهو عنك راضٍ؟ فقال: والله! ما بي جزع من الموت، ولكن رسول الله صلى
الله عليه وسلم عهد إلينا عهداً يكن متاع أحدكم من الدنيا كزاد الراكب،
وهذه الأسودة حولي) كأنه يقول هذا الأثاث والمتاع حولي لم أمتثل للعهد،
قال: [فلما مات، نظروا في بيته، فلم يروا في بيته إلا إكافاً ووطاءً
ومتاعاً قُوِّم بنحو عشرين درهماً] كل ما يملكه بعشرين درهماً،
خالد بن الوليد عند سكرات الموت:
قال: [ما كان في الأرض من ليلة أحب إليَّ من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح بهم العدو، فعليكم بالجهاد]
هو الذي احتبس دروعه وأعتده في سبيل الله، وقال: [لقد اندق في يوم مؤتة تسعة أسياف في يدي، فما صبرت معي إلا صفيحة يمانية]
واثلة بن الأسقع:
أخذ بيد ابنته، وقال: يا بنية! اصبري حتى عد أصابعي الخمس اصبري..
اصبري.. اصبري.. اصبري.. اصبري، ثم أخذ بيدي الأخرى، وقال: يا بنية!
وأوصاها بالصبر].
عبد الله بن عائذ:
قال له خصيف بن الحارث : [إن استطعت أن تلقانا، فتخبرنا ما لقيتم من
الموت، فمكث فترة لا يراه، ثم لقيه في منامه، فقال له: ألا تخبرنا؟ فقال:
نجونا ولم نكد ننجو بعد المشيبات، فوجدنا رباً خير ربٍ، غفر الذنوب، وتجاوز
عن السيئة إلا ما كان من الأحراض، قال: وما الأحراض؟ قال: الذين يشار
إليهم بالأصابع]
فهذه موعظة للذين يحبون الظهور والرئاسة، وأن يشار إليهم بالأصابع
عبد الله بن عمر عند سكرات الموت:
لما حضرته الوفاة، قال: [انظروا فلاناً -لرجل من قريش- فإني كنت قلت
له في ابنتي قولاً كشبه العدة -أي: يشبه أني وعدته بتزويجه ابنتي- وما أحب
أن ألقى الله بثلث النفاق -لأن آية النافق ثلاث: إذا وعد أخلف- وأشهدكم
أني قد زوجته]
معاوية بن أبي سفيان
ولما ثقل معاوية رضي الله عنه ، جعل يضع خداً على الأرض، ثم يقلب وجهه ويضع
الخد الآخر، ويبكي ويقول: [اللهم إنك قلت في كتابك: إِنَّ اللَّهَ لا
يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ
فاجعلني فيمن تشاء أن تغفر له، ثم قال: اللهم أقل العثرة، واعف عن الزلة،
وتجاوز بحلمك عن جهل ولم يرج غيرك، فإنك واسع المغفرة، ليس لذي خطيئة من
خطيئته مهرب إلا إليك].
علماء التابعين عند الموت
عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر الملقب بالعمري
قال عند موته: [بنعمة ربي أحدث.. لو أن الدنيا تحت قدمي، ما يمنعي من أخذها
إلا أن أزيل قدمي ما أزلتها، معي سبعة دراهم من لحاء شجرة فتلته بيدي]
ويونس بن عبيد
لما حضرته الوفاة بكى، فقيل: ما يبكيك؟ قال: قدماي لم تغبرا في سبيل الله عزَّ وجلَّ،
عمرو بن شرحبيل
حين حضرته الوفاة، قال: [إني ليسيرٌ للموت الآن، وما بي إلا هول
المطلع. ما أدع مالاً، وما أدع عليَّ من دين، وما أدع من عيال يهموني من
بعدي، فإذا أنا مت، فلا تنعوني إلى أحد، وأسرعوا المشي، ولا ترفعوا جدثي،
-أي: قبري- فإني رأيت المهاجرين يكرهون ذلك].
إبراهيم بن يزيد النخعي
بكي وسئل عن ما يبكيه فقال: [انتظار ملك الموت.. ما أدري يبشرني بجنة أو بنار؟].
إبراهيم بن هانئ
قال لابنه إسحاق : [أنا عطشان، فجاءه بماء، فقال: غابت الشمس؟
قال:لا. فرده، ثم قال: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ثم خرجت
روحه رحمه الله فختم يومه بصوم
أقوال عند الموت تدل على حسن الخاتمة
قول أبي بكر بن عياش وغيره من التابعين:
بكى ولده حين حضرته الوفاة، فقال أبو بكر بن عياش لولده: ما يبكيك ؟ أترى الله يضيع لأبيك أربعين سنة يختم فيها القرآن كل ليلة؟
أبي الحسن إسماعيل
وقال أحمد بن حفص : دخلت على أبي الحسن إسماعيل والد أبي عبد الله
عند موته، فقال: لا أعلم من مالي درهماً من حرام، ولا درهماً من شبهة، قال
أحمد : فتصاغرت إليَّ نفسي عند ذلك، قال أبو عبد الله : أصدق ما يكون الرجل
عند الموت.
أبي عبد الرحمن السلمي
قال عطاء بن السائب : ذهبنا نرجي أبا عبد الرحمن السلمي عند موته
-أي: نذكره برجاء الله، فقال: إني لأرجو ربي وقد صمت له ثمانين رمضاناً.
وعمر تسعين سنة، وتوفي وزوجته حبلى وله بنت، فقالت له زوجته عند وفاته: قد
قربت ولادتي، فقال: سلمته إلى الله، قد جاءوا ببراءتي من السماء، وتشهد
ومات
قصة لأبي إسحاق الحربي:
أبو إسحاق الحربي تلميذ أحمد من أئمة الفقه والحديث الذي كان يقول
: من لم يجر مع القدر لم يتهن بعيشه،
الذي لا يستسلم للقضاء والقدر لا يتهنى بعيشه
· قال: قد كانت بي شقيقة -صداع الرأس- منذ أربعين سنة ما أخبرت بها أحداً
· قال : ولي عشرين سنة أبصر بفرد عين -بعين واحدة- ما أخبرت بها أحداً،
· مكث نيفاً وسبعين سنة من عمره لا يسأل أهله غداءً ولا عشاءً، إن جاءه شيء أكله، وإلا طوى وبقي إلى الليلة القابلة،
· دخل عليه بعض أصحابه عند موته، فقامت ابنته تشكو إليه ما هم فيه من
الجهد، وأنه لا طعام لهم إلا الخبز اليابس والملح، وربما عدموا الملح في
بعض الأحيان، فقال لها إبراهيم : يا بنية! تخافين الفقر؟ انظري إلى تلك
الزاوية فيها اثني عشر ألف جزء قد كتبتها وكان من المحدثين، ففي كل يوم
تبيعي منها جزءاً بدرهم، فمن عنده اثني عشر ألف درهم، فليس بفقير
ولما حضر بعض العباد الوفاة وكان قد أوصى بعض أصحابه أن يوضئه، فأخذ هذا
الذي حضر، فلم يستطع الكلام، فشرع الموضئ يوضئه، فلما بلغ موضع اللحية نسي
أن يخللها، فأخذ بيده فأدخلها في لحيته، أخذ بيد مغسله فأدخلها في لحيته،
ثم قبض، قال بعضهم: فهذا الذي لم ينس آداب الشريعة حتى عند الموت.
الجنيد والكاساني عند الوفاة:
ولما حضرت الجنيد الوفاة، جعل يصلي ويتلو القرآن، فقيل له: لو رفقت
بنفسك في مثل هذه الحال، فقال: لا أحد أحوج إلى ذلك مني الآن، وهذا أوان طي
صحيفتي، أبادر طيِّ الصحيفة قبل أن تطوى.
الكاساني
لما حضرته الوفاة شرع في قراءة سورة إبراهيم حتى إذا انتهى إلى قوله
تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ [إبراهيم:27] خرجت روحه عندما فرغ
من قوله تعالى: وَفِي الْآخِرَةِ [إبراهيم:27].
محمد بن إسماعيل النساج
لما حضرته الوفاة نظر إلى زاوية البيت، فقال: قف رحمك الله، فإنك
عبدٌ مأمورٌ، وأنا عبدٌ مأمورٌ، وما أمرت به لا يفوت، وما أمرت به يفوت، ثم
قام وتوضأ وصلى، وتمدد ومات