حقوق الأبناء على الآباء
إن للأبناء على الآباء حقوقاً كثيرة فهم فلذات الأكباد وقرة الأعين، ومن هذه الحقوق:
1-
أن يحسن الأب اختيار الأم لأنه لن توجد ذرية صالحة إلا من زوجة صالحة
ويبين النبي – صلى الله عليه وسلم – المعالم التي تختار المرأة زوجة من
خلالها في الحديث الذي رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى
الله عليه وسلم – قال: ( تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها
ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ) رواه البخاري.
فالمرأة الصالحة هي
التي إذا نظر إليها زوجها سرته وإذا غاب عنها حفظته، وهي التي تعين زوجها
على طاعة الله – جل وعلا – وهي خير عون له على أمر دينه ودنياه.
وهي
التي تربي أولادها على الصدق والأمانة والعفة والعزة، وهي التي تعرف واجبها
تجاه ربها، وواجبها تجاه زوجها، وواجبها تجاه أولادها وبيتها وواجبها تجاه
دينها ودعوتها وواجبها تجاه مجتمعها الذي تعيش فيه وأنها لا بد أن تكون
نافعة له فتؤدي كل ما عليها بانضباط وانتظام وبدون إفراط أو تفريط فإذا
فعلت ذلك كانت عاقبتها عند الله عظيمة طيبة، عن عبد الرحمن بن عوف – رضي
الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( إذا صلت المرأة
خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت وجها قيل لها ادخلي الجنة من أي
أبواب الجنة شئت ) رواه أحمد.
2- أن يحسن الأب اختيار اسم الابن، عن
ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (
إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ) رواه مسلم.
فعلى الأب
أن يختار لابنه اسماً حسناً حيث أنه سيدعى به يوم القيامة ومن تلك الأسماء
أسماء الأنبياء والصحابة وغيرهم مما يحمل معناً عظيماً يسر به الولد إذا
كبر.
3- أن يعلمه شيئاً من القرآن، يقول الشافعي – رحمه الله -: " ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم فهو نور يهتدي به الحائر ".
ويقول
القابسي: " فمن رغب إلى الله أن يجعل له من ذريته قرة أعين، لم يبخل على
ولده بما ينفقه عليه في تعليمه القرآن فلعل الوالد إذا أنفق ماله في تعليمه
القرآن أن يكون من السابقين بالخيرات بإذن الله والذي يعلم ولده فيحسن
تعليمه ويؤدبه فيحسن تأديبه قد عمل عملاً يرجى له من تضعيف الأجر فيه.
والأب عندما يفعل ذلك فإنما يخدم به نفسه لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول:
( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) رواه مسلم.
وقد
وضحت هذه الحقوق من رد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – على الشاب الذي
اشتكاه أبوه إلى عمر، فقد ذهب رجل إلى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يشكو
إليه عقوق ابنه فأحضره عمر وسأله لماذا تعق والدك؟ فقال الولد: يا أمير
المؤمنين أليس للولد حق على أبيه؟ قال: بلى قال: فما هي؟ قال: أن ينتقي أمه
ويحسن اسمه ويعلمه الكتاب ( القرآن ).
فقال الولد: إن أبي لم يفعل
شيئاً من ذلك، أما أمي فهي زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جعلاً، ولم يعلمني
من الكتاب حرفاً واحداً فالتفت إليه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي
الله عنه – وقال له: أيها الرجل أجئت إليَّ تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل
أن يعقك وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك.
أيها الآباء.. أيتها الأمهات
اتقوا الله في فلذات أكبادكم وقرة أعينكم فأطفالكم أمانة كبرى في أعناقكم
وسوف تسألون عنهم يوم القيامة فإن كنتم أحسنتم التوجيه فبها ونعمت وإن لم
تكونوا فالفرصة ما زالت أمامكم فانتهزوا هذه الحياة ووجهوهم للخير ودلوهم
على عليه ليعرفوا طريق الحق فيتبعوه ويعرفوا طريق العلم فينهلوا منه،
ويسلكوا طريق النور فلا يضلوا، واختاروا لهم الرفقة الطيبة لأن الرفقة لها
تأثير البالغ في حياة الإنسان، والمرء في معترك هذه الحياة إما أن يؤثر
وإما أن يتأثر فإن كان قوي الإيمان والعقيدة حسن الأخلاق والسلوك أثر في
الناس بأخلاقه الطيبة.
وإن كان ضعيف الإيمان متذبذب الآراء والأفكار
تأثر من غيره بالخصال الذميمة وعلى الآباء والأمهات أن يتابعوا أبنائهم
دائماً ويسألونهم عن أصحابهم وماذا يفعلون وماذا يقولون حتى يقضوا على صفات
وخصال هؤلاء الأصحاب سواء أصحاب المدرسة أو الشارع أو الحي أو النادي أو
المسجد.
وليضع الجميع نصب أعينهم في هذا المنهج قول النبي – صلى
الله عليه وسلم -: ( مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك
ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك أو تشتري منه أو تجد منه ريحاً طيبة
ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحاً منتنة ) رواه البخاري
ومسلم.
وقوله – صلى الله عليه وسلم -: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) رواه الترمذي.
وقوله – صلى الله عليه وسلم -: ( إياك وقرين السوء فإنك به تعرف ) رواه ابن عساكر.
وعلى
الآباء والأمهات أن يعودوا أبنائهم منذ صغرهم على ذكر الله، فالذين مع
الله لا يندمون، والذين مع الله فائزون والذين مع الله يعيشون في سرور
وحبور كما يقول – صلى الله عليه وسلم -: ( أخلص دينك يكفيك القليل من العمل
).
كما يكون ذكر الله بكلمة طيبة، بإماطة الأذى عن الطري، بالأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، بالصلح بين اثنين، بالتعاون والتساند، كما يكون
ذكر الله كذلك بصدقة لفقير أو يتيم أو محتاج، بالبشاشة في وجوه الناس،
والمعاملة الكريمة في البيع والشراء، ويكون ذكر الله – جل وعلا – بكل ما
يحبه الله ويرضاه.
هذا ما يجب أن نربي عليه أبناءنا ليكونوا ذخراً لنا بعد وفاتنا.
[/size]وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.