إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونتوب إليه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد النبي الأمي المصطفى الكريم وعلى آله وأصحابه أجمعين... وبعد:
فإنه ما من معاملة شرعها الله تبارك وتعالى لعباده إلا وأحيطت بسياج قوي ومتين من الضمانات والقيود والشروط العديدة حماية للعباد من الغبن والوقوع في الظلم واستئصالاً للنزاع الذي من الممكن أن ينجم بين الناس نتيجة لتعاملاتهم وإنارة للطريق أمام كل المتعاقدين في الحاضر والمآل.
ولما كانت الشفعة من الموضوعات الحيوية المهمة التي قد يحتاج إليها البعض من الناس، آثرت أن تكون هي موضوع البحث الذي شرعت في الكتابة فيه بعون الله وحسن توفيقه لكي أبين لمن أراد أن يسأل عن الشفعة وعن بعض أحكامها.
أولاً: مقدار ما أحاطها به الشارع الحكيم جل في علاه من ضمانات وشروط وقيود حتى يقضي على كل نزاع يمكن أن يحدث من جراء التعامل الذي يقوم به البعض مع البعض.
ثانياً: ليعلم طلاب العلم الذين يبحثون عن أحوال الشفعة وعن مدى ما جاءت به الشريعة الإسلامية الغراء من تعاليم سمحة في هذا الخصوص بينت للناس طريق الهدى وأنار لهم طريق الرشاد فأرشدتهم إلى ما فيه سعادتهم في الدارين دار الدنيا ودار الآخرة خاصة إذا ما التزموا بها وساروا في درسها ومشوا في طريقها واهتدوا بهداها.
ثالثاً: ليفهم كل ذي عقل سليم كيف أن الشارع الحكيم راعى في تشريعه للشفعة ما ينفع الناس بأن جعلها طريقاً من طرق التملك في الشريعة الإسلامية وفي ذلك ما يجلب المنافع ويدرأ المفاسد حيث أن من الأهداف والمقاصد التي توختها الشريعة الإسلامية الغراء جلب المنافع ودرء المفاسد.. وبذلك يتحقق الغرض الأسمى والأمل المنشود من الشريعة الإسلامية الغراء التي تعتبر غرة في جبين الدهر لما جاء فيها من تعاليم سمحة ولما أمرت به من هداية ورشاد ورحمة وإصلاح.
لذلك وجدت نفسي راغباً في الكتابة في هذه الجزئية من فروع الفقه الإسلامي سائلاً المولى –جل في علاه- أن يرزقني التوفيق والسداد والقبول والرشاد فيما شرعت فيه من بحث فهو خير مأمول وأكرم مسئول وهو حسبي وعليه فليتوكل المتوكلون وهو نعم المولى ونعم النصير.
الخاتمة فإن من ينظر إلى الشفعة ويتمعن في تعريفها يرى مدى اهتمام الشارع الحكيم بتشريعها وإباحة العمل بموجبها كما يرى أيضاً أن الشارع اهتم بها أيما اهتمام وحرص عليها أيما حرص وعنى بها عناية فائقة.
ولعل سائلاً يسأل: لماذا عني الشارع للحكيم بها ورعاها حتى رعايتها؟
يكون الجواب أن عناية الشارع بها رعايته لها لم تأت من فراغ وإنما أتت بالنظر لحاجة الكثير من الناس إليها فالغالبية العظمى من الناس يلاحظ أن الواحد منهم يتعرض في حياته إلى بيع جاره مسكنه أو شريكه حصته لمشتر جديد ما يترتب عليه حدوث الضيق والمشقة والحرج للجار أو الشريك القديم فشاءت إرادة الشارع أن يزيل الضيق وأن يرفع المشقة ويمنع الحرج، فأقر الشفعة وأباح العمل بموجبها. شريطة إتباع ما يتوجب إتباعه من إجراءات وما يلزم اتخاذه من تعليمات أوردها الفقهاء في هذا الخصوص من تحقق للأركان ووجود للشروط بحيث إذا ما عدمت الأركان أو فقدت الشروط أو عدم أو فقد أحدها لم يعمل بها ولم يلتفت إليها، وإن من حسن الختام يحلو لي ويحمل بي أن أذكر بعض الغافلين عن العمل بها بأن ينتبهوا إلى ما فيها من فوائد جليلة ومنافع عظيمة.
كما أنني أطالب بالتوسع في العمل بها رفعاً للحرج وإزالة للضيق ومنعاً للمشقة التي تحدث للبعض من جراء تصرفات غير مسئولة من البعض.
والله ولي التوفيق وهو الهادي إلى سبيل الرشاد.