بسم الله الرحمن الرحيم .... وبه نستعين
جاء في كتاب الله تعالى ذكرهما مقترنين وذكر كلا منهما منفردا عن الآخر
** فالمقترنان**
كقوله تعالى حاكيا عن عباده المؤمنين:
{رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ}
** والمنفرد**
كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ
كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ}
**وقوله في المغفرة:**
{وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ}
وكقوله: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا} ونظائره.
**فهنا أربعة أمور**
: ذنوب ...وسيئات ....ومغفرة .....وتكفير.
**فالذنوب** : المراد بها الكبائر
** والمراد بالسيئات:** الصغائر
وهي ما تعمل فيه الكفارة من الخطأ وما جرى مجراه ولهذا جعل لها التكفير ومنه أخذت الكفارة
ولهذا لم يكن لها سلطان ولا عمل في الكبائر في أصح القولين فلا تعمل في قتل العمد
ولا في اليمين الغموس في ظاهر مذهب أحمد وأبي حنيفة.
**والدليل على أن السيئات هي الصغائر والتكفير لها:**
قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً}
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يقول: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان:
مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر". رواه مسلم
ولفظ (المغفرة) أكمل من لفظ (التكفير)
ولهذا كان مع الكبائر......... والتكفير مع الصغائر
فإن لفظ** (المغفرة)*** يتضمن الوقاية والحفظ
ولفظ-** (التكفير)** يتضمن الستر والإزالة
وعند الإفراد: يدخل كل منهما في الآخر كما تقدم
فقوله تعالى: {كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ}
يتناول صغائرها وكبائرها ومحوها ووقاية شرها
بل التكفير المفرد يتناول أسوأ الأعمال
كما قال تعالى: {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا}.
وإذا فهم هذا فهم السر في الوعد على المصائب والهموم والغموم والنصب والوصب
بالتكفير دون المغفرة
كقوله: فى الحديث الصحيح:
"ما يصيب المؤمن من هم ولا غم ولا أذى حتى الشوكه يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه"
فإن المصائب لا تستقل بمغفرة الذنوب ولا تغفر الذنوب جميعها إلا بالتوبة أو بحسنات تتضاءل
وتتلاشى فيها الذنوب فهى كالبحر لا يتغير بالجيف وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث
.
فلأهل الذنوب ثلاثة أنهار عظام يتطهرون بها في الدنيا
فإن لم تف بطهرهم طهروا في نهر الجحيم يوم القيامة
1-نهر التوبة النصوح
2- ونهر الحسنات المستغرقة للأوزار المحيطة بها
3- ونهر المصائب العظيمة المكفرة
** فإذا أراد الله بعبده خيرا**
أدخله أحد هذه الأنهار الثلاثة فورد القيامة طيبا طاهرا فلم يحتج إلى التطهير الرابع
ودمتم في حفظ الله ورعايته
منقول