قبل أن أذكر الركن الذي يتهاون في أدائها الكثير من الناس، يجب أن تعلم أيها القارئ الكريم أن للصلاة أربعة عشر ركناً، ومن ترك منها شيء بطلت الصلاة، سواء كان تركه عمداً أو سهواً، أو بطلت الركعة التي تركه منها، وقامت التي يليها مقامها .(1)
ومن هذه الأركان " الطمأنينة" وهي الإستقرار والسكون في أركان الصلاة، وقد دلت الكتاب والسنة على أن من لا يطمئن في صلاته لا يكون مصلياً، ويؤمر بإعادتها .(2)
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد ، فدخل رجل فصلى ، ثم جاء فسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم ، فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام ، فقال : ((ارجع فصل ، فإنك لم تصل)) . فصلى ، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ((ارجع فصل ، فإنك لم تصل . ثلاثا)) ، فقال : والذي بعثك بالحق فما أحسن غيره ، فعلمني ، قال : ((إذا قمت إلى الصلاة فكبر واقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع حتى تعتدل قائما ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)). (3)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " الشاهد من هذا قوله ((حتى تطمئن)) وقوله قبل ((إنك لَم تصَل)) فدل هذا على أنه من لا يطمئن في صلاته فلا صلاة له. ولا فرق في هذا بين الركوع والقيام بعد الركوع، والسجود والجلوس بين السجدتين ، كلها لابد أن يطمئن الإنسان فيها.
قال بعض العلماء والطمئنية أن يَسْتَقر بقدر ما يقول الذكر الواجب في الركن، ففي الركوع بقدر ما تقول : (( سبحان ربي العظيم ))، وفي السجود كذلك، وهكذا.
ولكن الذي يظهر من السنة أن الطمأنينة أمر فوق ذلك، لأن كون الطمأنينة بمقدار أن تقول (( سبحان ربي العظيم)) في الركوع لا يظهر لها أثر، لان الإنسان إذا قال: الله اكبر، سبحان ربي العظيم، ثم يرفع، أين الطمأنينة؟
الظاهر انه لابد من استقرار بحيث يقال: هذا الرجل مطمئن.
وعجبا لابن آدم كيف يلعب به الشيطان!! هو واقف بين يدي الله _ عز وجل_ يناجي الله ويتقرب إليه بكلامه وبالثناء عليه، وبالدعاء، ثم كأنه ملحوق في صلاته، كان عدوا لاحق له، فتراه يهرب من الصلا.
أنت لو وقفت بين يدي ملك من ملوك الدنيا يناجيك ويخاطبك،لو بقت معه ساعتين تكلمه لوجدت ذلك سهلا، يمكن لو تقف علي قدميك، ولا تنتقل من ركوع إلى سجود، والي جلوس، وتفرح أن هذا الملك يكلمك ، فكيف وأنت تناجي ربك الذي خلقك، ورزقك، و أمدك، واعدك، تناجيه وتهرب هذا الهروب؟!
لكن الشيطان عدو للإنسان، والعاقل الحازم المؤمن هو الذي يتخذ الشيطان عدوا، كما قال الله تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)(فاطر:6).
فالواجب علي الإنسان أن يطمئن في صلاته طمأنينة تظهر عليه في جميع أفعال الصلاة، وكذلك أقوالها"