فضل الدعوة إلى الله عز وجل ..
الدعـوة إلى الله تعالى من أهم الطاعـات وأجـل القربـات التي أمـر بها الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلـى
الله عليه وسلم، ومما يبيـن شرفـها ومنزلتـها وأهميتـها النقـاط الآتية:
1| أن الدعـوة إلى الله تعالى تولاها الله سبحـانه بنفسه فهو الذي يدعـو عباده إلى طاعته وتقـواه التي هي طـريق الجنة،
وينهـاهم عن معصيتـه ومخالفـة أمـره التي هي طريـق النار والعـذاب، كما قال سبحانه
وتعالـى : (والله يدعو إلى دار السلام
ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ)[1].
2\
أن الدعـوة إلى الله وظيفة الأنبيـاء والمرسليـن الذين هم خيار الخلق
وأشرف العبـاد،فإن الله تعالـى اصطفـى من عباده خيـارهم ليكلفهـم بالدعـوة
إليه سبحـانه وتبليغ
دينه كما قـال عز وجل : (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)[2].
فهي
وظيفـة هؤلاء الأخيـار الأطهار المصطفين من عبـاد الله ، ويأتي في مقدمتهم
فضلاً ومكانة نبينا محمد صلـى الله عليه وسلم الذي قـال عنه ربه تبارك
وتعالـى: (ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً*وداعياً إلى
الله بإذنه وسراجاً منيراً)[3]
فأي وظيفة أكرم وأشرف من وظيفة يتولاها خيار الناس ويقومون بها .
3\أن
الله تعالـى جعل الأقوال وأشرفـها الدعـوة إليه سبحـانه كما قال جل وعلا:
(ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين)[4]
يقول الشيخ عبد الرحمن السعـدي رحمه الله حول هذه الآية:
(هذا
استفهام بمعنى النفي المتقرر أي: لا أحد أحسن قولاً، أي كلاماً وطريقة
وحالة ممن دعا إلى الله بتعليم الجاهلين ووعظ الغافلين والمعرضين ومجادلة
المبطلين بالأمر بعبادة الله بجعيع أنواعها، والحث عليها وتحسينها مهما
أمكن، والزجر عما نهى الله عنه وتقبيحه بكل طريق يوجب تركه،خصوصاً من هذه
الدعـوة إلى أصل دين الإسلام وتحسينه ومجادلة أعدائه بالتي هي أحسن،والنهي
عما يضاده من الكفر والشرك والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومن الدعـوة إلى الله تحبيبه إلى عباده بذكر تفاصيل نعمه وسعة جوده وكمال رحمته وذكر أوصاف كماله ونعوت جلاله.
ومن الدعـوة إلى الله الترغيب في اقتباس العـلم والهـدى من كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلـى الله عليه وسلم
والحث على ذلك بكل طريق موصل إليـه، ومن ذلك: الحث على مكارم الأخلاق، والإحسان
إلى عموم الخلق ،ومقابلة المسـيء بالإحسـان، والأمر بصلـة الأرحام، وبر الوالديـن.
ومن
الوعظ لعمـوم الناس في الأوقات والمواسم والعوارض والمصائب بما يناسب ذلك
الحال، إلى غير ذلك مما لا ينحصر إفراده بما تشمله الدعـوة إلى الخير كله
والترهيب من جميـع الشر)[5].
4\ أن من أسباب تفضـيل هذه الأمة على
غيرها وتميـزها بين سائر الأمم وخيريتها عليهم كونها تدعـوا إلى الله تعالى
بأمرها بمعروف ونهيها عن منكـر ، قال سبحانه وتعالـى : (كنتم خير أمة
أخرجت
للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )[6]
5\ استمرار الأجر والثـواب وتتابعه للداعي إلى الله تعالى إذا اهتـدى على يديه أحد ؛ مما يدل على فضـل الدعـوة إلى الله وعلو شأنها .
فعن
أبي هريرة رضـي الله عنه أن رسول الله صلـى الله عليه وسلم قـال: ((من دعا
إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ،
ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من
آثامهم شيئاً ))[7]
فأبان هذا الحديث عظم الجـزاء للداعية المترتب على تأثر الناس بدعـوته فإنه من دعا إلى هـدى كان له مثل أجور
تابعيه
، أو إلى ضلالة كان عليه مثل آثام تابعيه ، سواء كان ذلك الهدى والضلالة
هو الذي ابتدأه أم كان مسبوقاً إليه ، وسواء كان ذلك تعليم علم أو عبادة أو
أدب أو غير ذلك [8].
6\ومن فضل الدعـوة إلى الله أنها من أسباب
تكفيـر الذنوب ويتبين لنا ذلك من حديث الرسول الكريم صلـوات ربي وسلامه
عليه من أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسبـاب تكفير الذنوب ،
فقدروى الإمام البخاري عن حذيفة رضـي الله عنه قال: قال رسول الله صلـى
الله عليه وسلم: ((فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها
الصلاة، والصدقة ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ))[9]
((وفي رواية : تكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر والنهي ))[10]
وتظهر
مكانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من هذا الحديث الشريف حيث نص
الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
من أسباب تكفير الفتنة[11].