بول الصغير والصغيرة
عن أم قيس بنت محصن " أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه عليه ولم يغسله" رواه الجماعة.
وفي رواية : فدعا بماء فرشه - رواه مسلم.
وعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" بول الغلام الرضيع ينضح، وبول الجارية يغسل " قال قتادة:
"وهذا ما لم يطعما فاذا طعما غسلا جميعاُ" رواه أحمد والترمذي. وقال حديث حسن.
وعن عائشة قالت: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي يحنكه، فبال عليه،
فأتبعه الماء - رواه البخاري وكذا أحمد وابن ماجه وزادا "ولم يغسله"?
ولمسلم "كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم،فأتى بصبي فبال عليه، فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله".
وعن أبي السمح خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم "يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
وعن أم كرز - بضم الكاف وسكون الزاي - الخزاعيه قالت: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم بغلام فبال عليه ، فأمر به فنضح، وأتى بجارية فبالت عليه فأمر به فغسل" رواه أحمد من رواية عمرو بن شعيب عن أم كرز، وهو صحيح لغيره، وهذا إسنادٌ ضعيف لانقطاعه، عمرو بن شعيب لم يسمع من أمِّ كُرْز. أبو بكر الحنفي: هو عبد الكبير بن عبد المجيد، وأسامة ابن زيد: هو الليثي، وهو مختلف فيه حسن الحديث.
وعن أم كرز أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" بول الغلام ينضح وبول الجارية يغسل" رواه ابن ماجه. من طريق عمرو بن شعيب عن أم كرز به، وحكمه حكم سابقه .
وقال البوصيري في "الزوائد" "1/211": هذا إسناد منقطع عمرو بن شعيب لم يسمع من أم كرز.
وعن أم الفضل لبابة بنت الحارث قالت "بال الحسين بن علي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: "يا رسول الله أعطني ثوبك والبس ثوبا غيره حتى أغسله"
فقال: إنما ينضح من بول الذكر ويغسل بول الأنثى"
رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
البول من النجاســـات
النجاسة في اللغة اسم لكل مستقذر.
البول من النجاســات:
النجاسة في اللغة اسم لكل مستقذر. ومن النجاسات فضلة الآدمي من بول وعذرة،
والمذى وهو ماء رقيق يخرج من القبل عند الملاعبة ونحوها..
والودى وهو ماء أبيض يخرج عقب البول غالباً...
والهادى وهو ماء أبيض يخرج من المرأة قرب ولادتها..
ويجب إزالة النجاسة عن بدن المصلي وثوبه ومكانه..
وفي الأحاديث المتقدمة، تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان حكم بول الصبي والجارية.
معنى النضح
اختلف الفقهاء في معنى النضح.
فذهب الشيخ أبو محمد الجويني والقاضي حسين والبغوي إلى أن معناه أن الشئ الذي أصابه البول يغمر بالماء كسائر النجاسات، بحيث لو عصر لا يعصر.
ويخالف هذا غيره، في أنه يشترط عصره ..وهذا غير صحيح، فهذا لا يشترط بالاتفاق.
وذهب إمام الحرمين (الجويني) والمحققون إلى أن النضح، أن يغمر ويكاثر بالماء مكاثرة،
لا يبلغ جريان الماء وتردده وتقاطره، بخلاف المكاثرة في غيره،
فانه يشترط فيها أن يكون بحيث يجري بعض الماء، ويتقاطر من المحل، وإن لم يشترط عصره.
وهذا هو الصحيح المختار، ويدل عليه قولها - أى أم قيس - فنضحه ولم يغسله.
وقولها في رواية (فرشه) أي نضحه. واللــه أعلم...
"شرح النووي على الامام مسلم".
فمعنى النضح: هو رش الماء وإتباعه مكان البول، حتى يغمره دون دلك أو عصر.
أختلف العلماء في بول الصغير على ثلاثة أوجه وهي:
- الأول : يكفي النضح في بول الصغير، ولا يكفي في بول الجارية، بل لابد من غسله كسائر النجاسات. وهذا هو المشهور والمختار.
وهو قول على عليه السلام وعطاء والزهري وأحمد واسحق وابن وهب وغيرهم. وروي عن مالك. وقال أصحابه - أي أصحاب مالك - هي رواية شاذه، ورواه ابن حزم أيضا عن أم سلمة والثورى والأوزاعى والنخعى وداود وابن وهب.
- الثاني: يكفي النضح فيهما أي للصغير والجارية. وهو مذهب الاوزاعى وحكي عن مالك والشافعي.
- والثالث : هما سواء في وجوب الغسل. وممن قال بهذا أبو حنيفة ومالك في المشهور عنهما وأهل الكوفة.
ولكن هذين الرأيين الاخيرين شاذان، وتردهما أحاديث هذا الباب، ولا داعي للاشتعال بهذه التفرقة. فالاحاديث صريحة في التفرقة بين بول الصغير والجارية.
والخلاف هو في كيفية تطهير الشئ الذي بال عليه الصبي ولا خلاف في نجاسته..
ما لم يطعم:
تقدم في حديث أم قيس أنها أتت بابن لها صغير "لم يأكل الطعام". فما المقصود بأنه لم يأكل !!
قال النووى في شرح مسلم، ثم إن النضح يجزئ ما دام الصبي يقتصر على الرضاع.
أما إذا أكل الطعام على جهة التغذية فانه يجب الغسل بلا خلاف.
ولا يمنع النضح أول ولادته تحنيكه بتمر ونحوه.
قال في نكت التنبيه: إن لم يأكل غير اللبن، وغير ما يحنك به وما أشبه.
وذكر جلال الدين المحلى على منهاج الطالبين : ولا يمنع تحنيكه تناوله السفوف ونحوه للاصلاح.
أي ما يلعقه من عسل للمداواة.... وغير ذلك أيضا، لا يعتبر طعاما يمنع النضح.
وذكر الموفق الحمدي في شرحه التنبيه: أي لم يستقل بجعل الطعام في فيـه.
أي ما لم يستقل به عن اللبن، أي يكون غالبا في غذائه.
سبب الرخصة بالنسبة للصغير :
ولعل سبب الرخصة في الاكتفاء بالنضح بالنسبة لبول الصبي:
ولوع الناس بحمله إلى كثرة بوله عليهم، ومشقة غسل ثيابهم، فخفف فيه لذلك.
كما أن بول الذكر ينزل متفرقا هنا وهناك بخلاف الانثى.
وبول الغلام أرق من بول الجارية، فلا يلصق بالمحل لصوق بولها.
وبول الانثى أخبث وأنتن.
حكم خاص بالنسبة للمرضعة:
وذهب الفقهاء - ومنهم فقهاء المالكية - إلى أن ما يصيب ثوب أو بدن المرضعة من بول أو غائط رضيعها - ولو لم يكن وليدها - من النجاسة المعفو عنها،
إذا اجتهدت في التحرز عنهما حال نزولهما، وإن استحبوا لها إعداد ثوب للصلاة إذااستطاعت.
ومثلها في هذا ما يصيب ثوب أو بدن الجزار، ونازح المراحيض والطبيب الذي يعالج الجروح.
ويندب لهم إعداد ثوب للصلاة.
وهذا الحكم مستمد من القاعدة الشرعية "المشقة تجلب التيسير"
فمن الاسس التى قامت عليها الشريعة الغراء رفع الحرج عن الناس. وفي ذلك يقول الله عز وجل
(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقوله (وما جعل عليكم في الدين من حرج)
وقال صلى الله عليه وسلم "بعثت بالحنيفية السمحة" أخرجه أحمد في مسنده.
وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه "إذا ضاق الامر اتسع".
وهذه الرخصة للمرضعة فقط أُما كانت للرضيع أو غير أم له، وذلك لكثرة حملها الرضيع لإرضاعه، سواء كان الرضيع ذكرا أو أنثى.