قصة و عبرة
ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺟﻞ ﺳﻜﻴﺮ ﺩﻋﺎ ﻗﻮﻣًﺎ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻓﺠﻠﺴﻮﺍ ﺛﻢ ﻧﺎﺩﻯ
ﻋﻠﻰ ﺧﺎﺩﻣﻪ ﻭﺩﻓﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺩﺭﺍﻫﻢ ﻭﺃﻣﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﺮﻱ ﺑﻬﺎ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﻔﺎﻛﻬﺔ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ،
ﻭﻓﻰ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺳﻴﺮ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﻣﺮَّ ﺑﺎﻟﺰﺍﻫﺪ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺑﻦ ﻋﻤﺎﺭ
ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ - ﻣﻦ ﻳﺪﻓﻊ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺩﺭﺍﻫﻢ ﻟﻔﻘﻴﺮ ﻏﺮﻳﺐ ﺩﻋﻮﺕ ﻟﻪ ﺃﺭﺑﻊ ﺩﻋﻮﺍﺕ .
ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﻐﻼﻡ ﺍﻟﺪﺭﺍﻫﻢ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ،
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺑﻦ ﻋﻤﺎﺭ - ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺩﻋﻮ ﻟﻚ ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻐﻼﻡ - ﻟﻲ ﺳﻴﺪ ﻗﺎﺱٍ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺗﺨﻠﺺ ﻣﻨﻪ ،
ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﺨﻠﻒ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻲَّ ﺍﻟﺪﺭﺍﻫﻢ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ،
ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻯ ،
ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﺃﻥ ﻳﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﻭﻟﺴﻴﺪﻱ ﻭﻟﻚ ﻭﻟﻠﻘﻮﻡ
ﻓﺪﻋﺎ ﻟﻪ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺑﻦ ﻋﻤﺎﺭ !
ﻭﺍﻧﺼﺮﻑ ﺍﻟﻐﻼﻡ ﻭﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺳﻴﺪﻩ ﺍﻟﺬﻯ ﻧﻬﺮﻩ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ - ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﺄﺧﺮﺕ
ﻭﺃﻳﻦ ﺍﻟﻔﺎﻛﻬﺔ ؟ ﻓﻘﺺّ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻪ ﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺍﻟﺰﺍﻫﺪ ﻭﻛﻴﻒ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﻫﻢ
ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺃﺭﺑﻊ ﺩﻋﻮﺍﺕ . ﻓﺴﻜﻦ ﻏﻀﺐ ﺳﻴﺪﻩ،
ﻭﻗﺎﻝ - ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻋﻮﺗﻚ ﺍﻻﻭﻟﻰ ؟
ﻗﺎﻝ - ﺳﺄﻟﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﺍﻟﻌِﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺪ - ﻗﺪ ﺃﻋﺘﻘﺘﻚ ﻓﺄﻧﺖ ﺣﺮ ﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،
ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻋﻮﺗﻚ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ؟
ﻗﺎﻝ - ﺃﻥ ﻳﺨﻠﻒ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺪﺭﺍﻫﻢ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺪ - ﻟﻚ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺁﻻﻑ ﺩﺭﻫﻢ
ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻋﻮﺗﻚ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ -
ﻗﺎﻝ : ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻚ
ﻓﻄﺄﻃﺄ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﺑﻜﻰ ﻭﺃﺯﺍﺡ ﺑﻴﺪﻳﻪ ﻛﺆﻭﺱ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭﻛﺴﺮﻫﺎ،
ﻭﻗﺎﻝ - ﺗُﺒﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻦ ﺃﻋﻮﺩ ﺃﺑﺪًﺍ ، ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻋﻮﺗﻚ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ؟
ﻗﺎﻝ - ﺃﻥ ﻳﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﻭﻟﻚ ﻭﻟﻠﻘﻮﻡ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺪ - ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﺇﻟﻲَّ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻟﻠﻐﻔﻮﺭ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ،
ﻓﻠﻤﺎ ﻧﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺳﻤﻊ ﻫﺎﺗﻔًﺎ ﻳﻬﺘﻒ ﺑﻪ - ﺃﻧﺖ ﻓﻌﻠﺖ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ
ﺇﻟﻴﻚ، ﺃﺗﻈﻦ ﺃﻧﺎ ﻻ ﻧﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺇﻟﻴﻨﺎ ؟
ﻟﻘﺪ ﻏﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻚ ﻭﻟﻠﻐﻼﻡ ﻭﻟﻠﻤﻨﺼﻮﺭ ﺑﻦ ﻋﻤﺎﺭ ﻭﻟﻠﺤﺎﺿﺮﻳﻦ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ