" أنواع الكذب "
أخي الحبيب :
الكذب ظلمات بعضها فوق بعض ، وأودية لا يقتحمها إلاَّ هالك ، ويمكن تقسيم الكذب إلى ما يلي :
أولاً - الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم :
ومن أفظع صوره تحليل ما حرَّمه الله ورسوله، أو تحريم ما أحلَّه الله ورسوله، وكذلك من يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كاذبًا متعمدًا .
قال تعالى : " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ " [الأنعام: 21] .
وقال صلى الله عليه وسلم : «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار» (متفق عليه) .
ثانيًا : الكذب على الناس فيما يتعلق بأعراضهم وأموالهم وأنفسهم :
وهذا من أشدِّ الكبائر وأقبح الجرائم التي تضرُّ بالمجتمع وتقضي على العدل والنظام فيه ، وتؤجِّج رُوح العداوة والمشاحنة بين أفراده ، ومن أبرز مظاهر هذا النوع .
1- شهادة الزور : وهي من أكبر الكبائر، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، الإشراك بالله وعقوق الوالدين» ، وكان متكئًا فجلس ثم قال : «ألا وقول الزور ، ألا وشهادة الزور»..قالوا : فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت !
2- الحلف زورًا : وهو نوع من شهادة الزور ، إلاَّ أنَّ شاهد الزور في هذه الحالة يقرن شهادته بالحلف الكاذب ، وهو أشدُّ جرمًا وأعظم إثمًا من الأول ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر ، لقي الله وهو عليه غضبان» (متفق عليه) .
3- الكذب في البيع والشراء : كالذي يُخفي عن الناس عيوب سلعته ، أو يعتمِد الحلف والإيمان أداةً له في ترويج بضاعته ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «اليمين الكاذبة مُنفقة للسلعة مُمحقة للكسب» (متفق عليه) .
4- الكذب بقصد المزاح والسخرية ، وهذا أيضًا من الكبائر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «ويل للذي يُحدِّث فيكذب ليُضحك به القوم، ويلٌ له ويلٌ له» (أحمد وأبو داود والترمذي وجودة ابن باز) .
5- الكذب لإفساد ذات البين، قال تعالى : " فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ " [محمد: 22] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «من خبَّب زوجة امرئ أو مملوكة فليس منها» (أبو داود وصححه الألباني) .
ثالثًا : الكذب على الناس فيما لا يتعلَّق بشيء من أموالهم وأعراضهم وأنفسهم :
وهذا وإن كان أخفَّ مما قبله إلاَّ أنه مذموم أشدُّ الذم ، ويتناول هذا النوع ما يلي :
1- الكذب في إظهار الفضل وادِّعاء ما ليس له : وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «من ادَّعى ما ليس له فليس منا ، وليتبوَّأ مقعده من النار» (البيهقي وصححه الألباني) .
2- الكذب في الرؤيا أو الحِلم : وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «من تحلَّم بحلم لم يره، كُلف أن يعقد بين شعيرتين ولن ينفعل» (البخاري) .