خاتمة وعيدية تحذيرية لتعدي حدود قسمة الميراث
الآن التعقيب الذي جاء بعد آيات الميراث:
﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ﴾
( سورة النساء )
بأي موضوع ؟ التعليق بعد آيات المواريث ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾، في آيات المواريث:
﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾
( سورة النساء )
ألا تكفي هذه الآية لمَن تحدثه نفسه ألا يعطي أخته شيئاً ؟
المرأة في عصور التخلف مستضعفة، تجبَر على توقيع وكالة عامة لأخيها، وأخوها يأخذ كل شيء، وقد يعطيها الفتات، وقد علمت أن إنسانا مات في مدينة في الشمال ترك ألف مليون، ترك ابناً وبنتاً، الابن لم يعط أخته شيئاً، والقصة طويلة، وإنسان آخر في دمشق ترك ما يزيد على ألف مليون أحد أولاده يعمل على شاحنة يعيش كفاف يومه، والأخ الثاني باسمه ثمانون محضرا سكنيًّا، هذه وقائع، وأنا لا أخطب من فراغ، لا أختار موضوعا من خيالي، وأكبر مشكلة الآن في مجتمع المسلمين، في مجتمع الذين يقرؤون القرآن، في مجتمع الذين يرتادون المساجد، في مجتمع الذين يجلسون مع العلماء، ويمجدون دروسهم، ويثنون على خطبتهم، هؤلاء هم أنفسهم الذين يحرمون البنات.
ما جاء في السنة من أحكام الميراث والهبات والعطايا
أيها الإخوة الكرام، هذا في القرآن فماذا في السنة الشريفة ؟
الحديث الأول:
عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ:
(( تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ، فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ، فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ ))
[ متفق عليه ]
وفي أخرى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( أَلَكَ بَنُونَ سِوَاهُ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ هَذَا ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَلَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ))
[ مسلم ]
هل هناك أوضح من هذا الكلام ؟ هل هناك أدق من هذا الكلام، هل هناك أبين من هذا الكلام ؟
وفي رواية أخرى عَنْ النُّعْمَانِ أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشْهِدُ عَلَى نُحْلٍ نَحَلَهُ إِيَّاهُ فَقَالَ:
(( أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَهُ ؟ قَالَ: لَا قَالَ، فَلَا أَشْهَدُ عَلَى شَيْءٍ، أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَلَا إِذًا ))
[أخرجه البخاري، ومسلم]
وما في البخاري ومسلم من أصح الأحاديث بعد كتاب الله جل جلاله، ورواية ولمسلم عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ:
(( أَتَى بِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا، فَقَالَ: أَكُلَّ بَنِيكَ نَحَلْتَ ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَارْدُدْهُ ))
من هنا جاء الحكم أنه مَن أخذ أكثر ما يستحق عليه أن يرد الباقي على إخوته.
والله أعرف شخصين جاءني أخ كريم إلى المسجد، وقد كتب له أبوه كما قلت قبل قليل ثمانين محضرا سكنيّا، ثمنها قريبا من ألف مليون ليرة، قال: وأخي يعمل على شاحنة، وقررت أن أوزع التركة بين إخوتي جميعاً بالعدل، قلت له: والله إن لم يكن لك إلا هذا العمل لكفاك لدخول الجنة، ابن صالح وزع الثروة بأكملها وفق أحكام الإرث الشرعي.
وفي رواية قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( فَارْتَجِعْهُ ))
[ مالك في الموطأ ]
وأخرج أبو داود، والنسائي عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ قَالَ:
(( أَنْحَلَنِي أَبِي نُحْلًا، أو قَالَ: نِحْلَةً، غُلَامًا لَهُ، قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشْهِدْهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشْهَدَهُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي النُّعْمَانَ نُحْلًا، وَإِنَّ عَمْرَةَ سَأَلَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: فَقَالَ: أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَ النُّعْمَانَ ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ: هَذَا جَوْرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا تَلْجِئَةٌ، أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا لَكَ فِي الْبِرِّ وَاللُّطْفِ سَوَاءٌ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، إِنَّ لَهُمْ عَلَيْكَ مِنْ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ كَمَا أَنَّ لَكَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْحَقِّ أَنْ يَبَرُّوكَ ))
العدل ولو في الحديث، ولو في القبل، وفي الابتسامة، والنظرة، أمامك أولادك، عينك على واحد فقط، هذا غلط، اعدلوا بينهم في القبل، وفي الابتسامة، وفي النظرة.
أيها الإخوة الكرام، حديث واضح كالشمس، وآيات واضحة كالشمس والمسلمون لم يأخذوا من الدين إلا العبادات الشعائرية، يقول عامل ثمانية وثلاثين عمرة، بارك الله بك ثم ظلمت بين أولادك يأخذون العبادات الشعائرية ولا يهتمون بالعبادات التعاملية مع أن العبادات التعاملية هي الأصل.
الحديث الثاني:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ
(( أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى ابْنِي بِصَدَقَةٍ، فَاشْهَدْ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ وَلَدٌ غَيْرُهُ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَعْطَيْتَهُمْ كَمَا أَعْطَيْتَهُ ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ؟ ))
[ أخرجه النسائي ]
الحديث الثالث:
أما الحديث الذي يقصم الظهر فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ وَالْمَرْأَةُ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً، ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ، فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ، فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ، قَالَ: وَقَرَأَ عَلَيَّ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ هَا هُنَا: ﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَار ﴾ٍّ، حَتَّى بَلَغَ: ﴿ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ ))
[ سنن أبي داود ]
خمس صلوات، وصوم، وزكاة، وحج، وطاعة.
الحديث الرابع:
الآن هناك حيلة شرعية، يكتب الأبُ لابنه سندَ دين بمليون ليرة فالدين يحسم من الإرث، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( مَنْ فَرَّ مِنْ مِيرَاثِ وَارِثِهِ قَطَعَ اللَّهُ مِيرَاثَهُ مِنْ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))
[ ابن ماجة بسند ضعيف ]
هذا فرار، وحيلة، بأن يعطي قرضًا لابنه أن عليه مبلغا كبيرًا جداً، هذا القرض يحسم من الإرث، ويوزع الباقي، فيكون قد ضر في الوصية، إذاً: حرمه الله ميراثه من الجنة يوم القيامة.
يبدو أنه كانت هناك عادة جاهلية قديمة، السيدة عائشة فيما ورد عنها أنها ذكرت صدقات الناس اليوم، و إخراج الرجال بناتهم منها، كيف يخرج الرجل بناته من ميراثه ؟ تقول: ما وجدت للناس مثلاً اليوم في صدقاتهم إلا كما قال الله عز وجل:
﴿ وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾
(سورة الأنعام )
هذه دعوة جاهلية.
الآن التعقيب الذي جاء بعد آيات الميراث:
﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ﴾
( سورة النساء )
بأي موضوع ؟ التعليق بعد آيات المواريث ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾، في آيات المواريث:
﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾
( سورة النساء )
ألا تكفي هذه الآية لمَن تحدثه نفسه ألا يعطي أخته شيئاً ؟
المرأة في عصور التخلف مستضعفة، تجبَر على توقيع وكالة عامة لأخيها، وأخوها يأخذ كل شيء، وقد يعطيها الفتات، وقد علمت أن إنسانا مات في مدينة في الشمال ترك ألف مليون، ترك ابناً وبنتاً، الابن لم يعط أخته شيئاً، والقصة طويلة، وإنسان آخر في دمشق ترك ما يزيد على ألف مليون أحد أولاده يعمل على شاحنة يعيش كفاف يومه، والأخ الثاني باسمه ثمانون محضرا سكنيًّا، هذه وقائع، وأنا لا أخطب من فراغ، لا أختار موضوعا من خيالي، وأكبر مشكلة الآن في مجتمع المسلمين، في مجتمع الذين يقرؤون القرآن، في مجتمع الذين يرتادون المساجد، في مجتمع الذين يجلسون مع العلماء، ويمجدون دروسهم، ويثنون على خطبتهم، هؤلاء هم أنفسهم الذين يحرمون البنات.
ما جاء في السنة من أحكام الميراث والهبات والعطايا
أيها الإخوة الكرام، هذا في القرآن فماذا في السنة الشريفة ؟
الحديث الأول:
عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ:
(( تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ، فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ، فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ ))
[ متفق عليه ]
وفي أخرى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( أَلَكَ بَنُونَ سِوَاهُ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ هَذَا ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَلَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ))
[ مسلم ]
هل هناك أوضح من هذا الكلام ؟ هل هناك أدق من هذا الكلام، هل هناك أبين من هذا الكلام ؟
وفي رواية أخرى عَنْ النُّعْمَانِ أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشْهِدُ عَلَى نُحْلٍ نَحَلَهُ إِيَّاهُ فَقَالَ:
(( أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَهُ ؟ قَالَ: لَا قَالَ، فَلَا أَشْهَدُ عَلَى شَيْءٍ، أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَلَا إِذًا ))
[أخرجه البخاري، ومسلم]
وما في البخاري ومسلم من أصح الأحاديث بعد كتاب الله جل جلاله، ورواية ولمسلم عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ:
(( أَتَى بِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا، فَقَالَ: أَكُلَّ بَنِيكَ نَحَلْتَ ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَارْدُدْهُ ))
من هنا جاء الحكم أنه مَن أخذ أكثر ما يستحق عليه أن يرد الباقي على إخوته.
والله أعرف شخصين جاءني أخ كريم إلى المسجد، وقد كتب له أبوه كما قلت قبل قليل ثمانين محضرا سكنيّا، ثمنها قريبا من ألف مليون ليرة، قال: وأخي يعمل على شاحنة، وقررت أن أوزع التركة بين إخوتي جميعاً بالعدل، قلت له: والله إن لم يكن لك إلا هذا العمل لكفاك لدخول الجنة، ابن صالح وزع الثروة بأكملها وفق أحكام الإرث الشرعي.
وفي رواية قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( فَارْتَجِعْهُ ))
[ مالك في الموطأ ]
وأخرج أبو داود، والنسائي عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ قَالَ:
(( أَنْحَلَنِي أَبِي نُحْلًا، أو قَالَ: نِحْلَةً، غُلَامًا لَهُ، قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشْهِدْهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشْهَدَهُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي النُّعْمَانَ نُحْلًا، وَإِنَّ عَمْرَةَ سَأَلَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: فَقَالَ: أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَ النُّعْمَانَ ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ: هَذَا جَوْرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا تَلْجِئَةٌ، أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا لَكَ فِي الْبِرِّ وَاللُّطْفِ سَوَاءٌ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، إِنَّ لَهُمْ عَلَيْكَ مِنْ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ كَمَا أَنَّ لَكَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْحَقِّ أَنْ يَبَرُّوكَ ))
العدل ولو في الحديث، ولو في القبل، وفي الابتسامة، والنظرة، أمامك أولادك، عينك على واحد فقط، هذا غلط، اعدلوا بينهم في القبل، وفي الابتسامة، وفي النظرة.
أيها الإخوة الكرام، حديث واضح كالشمس، وآيات واضحة كالشمس والمسلمون لم يأخذوا من الدين إلا العبادات الشعائرية، يقول عامل ثمانية وثلاثين عمرة، بارك الله بك ثم ظلمت بين أولادك يأخذون العبادات الشعائرية ولا يهتمون بالعبادات التعاملية مع أن العبادات التعاملية هي الأصل.
الحديث الثاني:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ
(( أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى ابْنِي بِصَدَقَةٍ، فَاشْهَدْ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ وَلَدٌ غَيْرُهُ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَعْطَيْتَهُمْ كَمَا أَعْطَيْتَهُ ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ؟ ))
[ أخرجه النسائي ]
الحديث الثالث:
أما الحديث الذي يقصم الظهر فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ وَالْمَرْأَةُ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً، ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ، فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ، فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ، قَالَ: وَقَرَأَ عَلَيَّ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ هَا هُنَا: ﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَار ﴾ٍّ، حَتَّى بَلَغَ: ﴿ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ ))
[ سنن أبي داود ]
خمس صلوات، وصوم، وزكاة، وحج، وطاعة.
الحديث الرابع:
الآن هناك حيلة شرعية، يكتب الأبُ لابنه سندَ دين بمليون ليرة فالدين يحسم من الإرث، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( مَنْ فَرَّ مِنْ مِيرَاثِ وَارِثِهِ قَطَعَ اللَّهُ مِيرَاثَهُ مِنْ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))
[ ابن ماجة بسند ضعيف ]
هذا فرار، وحيلة، بأن يعطي قرضًا لابنه أن عليه مبلغا كبيرًا جداً، هذا القرض يحسم من الإرث، ويوزع الباقي، فيكون قد ضر في الوصية، إذاً: حرمه الله ميراثه من الجنة يوم القيامة.
يبدو أنه كانت هناك عادة جاهلية قديمة، السيدة عائشة فيما ورد عنها أنها ذكرت صدقات الناس اليوم، و إخراج الرجال بناتهم منها، كيف يخرج الرجل بناته من ميراثه ؟ تقول: ما وجدت للناس مثلاً اليوم في صدقاتهم إلا كما قال الله عز وجل:
﴿ وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾
(سورة الأنعام )
هذه دعوة جاهلية.