ننا نرى في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الإنسان الحاني الرحيم، الذي لا تفلت من قلبه الذكي شاردة من آلام الناس وآمالهم إلا لباها و رعاها، وأعطاها من ذات نفسه كل اهتمام وتأييد، نرى فيه الإنسان الذي يكتب إلى ملوك الأرض طالباً إليهم أن ينبذوا غرورهم الباطل، ثم يصغي في حفاوة ورضىً إلى أعرابي حافي القدمين يقول في جهالة: "اعدل يا محمد، فليس المال مالك، ولا مال أبيك "، نرى فيه العابد الأواب الذي يقف في صلاته، يتلو سورةً طويلةً من القرآن في انتشاء وغبطة لا يقايض عليها بملء الأرض تيجاناً وذهباً، ثم لا يلبث أن يسمع بكاء طفل رضيع كانت أمه تصلي خلفه في المسجد فيضحي بغبطته الكبرى، وحبوره الجياش، وينهي صلاته على عجل رحمة بالرضيع الذي كان يبكي، وينادي أمه ببكائه.