بينما كان الأب جالسا
والهُدوء الغريب يُخيِّمُ عليه وهوَ في ذلِك القُطّارِ العائِدِ إلى وطنِهُ
كان أبنائه الثّلاثة يُلعِبون ويَتحرّكون كثيرا ويُزعِجون الرِّكاب اللذيْنِ
أنهكهُم طول الطّريقِ كان الأب لا يُحرِّكُ ساكنا حتّى لوْ قام أحدُّ الرُّكّابِ
بإظهار اِنزِعاجهُ مِن الفوْضًى الّتي يُسبِّبُها الأطفال ولم يعر أحدا اِهتِمامُ
حتّى لوْ قام أحدا بِتوْبيخِ الأطفال أمامه كان أحدُّ الرُّكّابِ يُشاهِدُ ذلِك الموْقِفُ
باستغراب واِنزِعاج شديدِ ويَقولُ في نفسُه أيُّ بِروْدِ يتحلّى بِهِ هذا الرّجُلِ
وأيُّ لامبالاة بالآخرين تحيُّر هذا الشّخصِ وقال في سريرةِ نفسُه لماذا
لا أذهب بِنفسُي إليه وأخبرهُ عن مُدًى اِنزِعاجي واِنزِعاج الرُّكّابِ
مِنه لِعدُم مُبالاتُهُ مِن تذمُّرِ الآخرين لمّا يُقوّم بِهِ أطِفالهُ وهوَ لا يُحرِّكُ ساكنا
لِفعّل شيْءُ لِتِلك الأطفال وفعلا توَجُّه الرّجُلِ ناحيّة الأب وهوَ مغتاظ
وهوَ يقولُ إليه بِلهِجةٍ قاسيّة ( يا رجِل ألا تُحِسُّ ألا تُخجِلُ … اُلخُ )
وما أن فرِغ الرّجُلِ مِن حديثِهُ نظر إليه الأب بِنظرِهُ غريبةً مليئة بِالحُزنِ والأسى
وقال لهُ لا تلُمُّنّي يا رجِل لقد ماتت أمُهِمّ البارِحةِ وأنا أفِكر كيْف سأُخبِرُهُم
وكيْف سأواجههم بِالخبرِ وكُلّما رأّيْتُهُم يُلعِبون ويُضحِكون ازددت
حيْرةً في أمرّي كيْف هوَ الخلاصُ وما كان مِن الرّجُلِ
إلّا وقد سالت دُموعُهُ فوْق خُدّيِهُ وطأطأ رأّسهُ خجِلا
لِتُصرِّفُهُ وتسرُّعهُ وقد اِعتذر مِن الأب وتوَجُّه للأطفال وقام يُداعِبُهُم