الدين كله يدور على أربع قواعد، حب وبغض، ويترتب عليهما فعل وترك، فمن كان حبه، وبغضه، وفعله، وتركه لله فقد استكمل الإيمان، هذا هو الحب في الله، وأما الحب مع الله فنوعان، نوع يقدح في أصل التوحيد، وهو شرك لا محالة، ونوع يقدح في كمال الإخلاص، ولا يخرج من الإسلام.
النوع الأول: حب كما يحب المشركون أوثانهم، وأصنامهم، وآلهتهم التي يعبدونها من دون الله، محبة تأله، يتبعها خوف ورجاء ودعاء، وهذه المحبة هي عين الشرك الذي لا يغفره الله.
والنوع الثاني: محبة ما زينه الله تعالى في النفوس، من النساء، والبنين، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة، والأنعام، والحرث، فيحبها محبة شهوة كالجائع للطعام، والظمآن للماء، هذه المحبة ثلاثة أنواع، إن أحبها لله توسلاً إليه بها، واستعانةً بها على طاعته، ومرضاته، أثيب عليها، يقول أحد الأصحاب الكرام: " حبذا المال أصون به عرضي، وأتقرب به إلى ربي ".
وإن أحبها لموافقة طبعه وهواه، ولم يؤثرها على ما يحبه الله ويرضاه، بل نالها بحكم الميل الطبيعي، كانت من المباحات، ولم يعاقب عليها، وإن أحبها وسعى جاهداً لتحصيلها، والظفر بها، وقدمها على ما يحب الله، ويرضاه كان غارماً لنفسه متبعاً لهواه، فالأولى محبة السابقين، والثانية محبة المقتصدين، والثالثة محبة الظالمين.