أول أسباب السكينة لدى المؤمن أنه هدي إلى فطرته التي فطره الله عليها، وهي فطرة متسقة، ومنسجمة، ومتجاوبة مع فطرة الوجود الكبير كله، فعاش المؤمن مع فطرته في سلام ووئام لا في حرب وخصام، ومع من حوله في شفافية ومشاركة لا في وحشة وعداوة، ذلك لأن في القلب شعثاً لا يلمُّه إلا الإقبال على الله، وفي القلب وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفة الله، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه، وفي القلب نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضى بأمره ونهيه، وقضائه وقدره، والصبر على ذلك إلى يوم لقائه، وفي القلب فاقة لا تسدها إلا محبته، والإنابة إليه، ودوام ذكره، وصدق الإخلاص له.