أ[size=24]خيه … قد أقبل عليك شهر عظيم شأنه… واسع فضله… يزخر بصيب الغنائم وخيرات عظائم….. فليلة محراب العباد…
ونهاره زاد للعباد … وأيامه جسر النجاة يوم المعاد…
وشهر ذاك وصفه … وذاك فضله حقيق عليك أن تستعدي لاستثماره، وتتهيئي لقطف ثماره … في ليله ونهاره.
بشري العوالم أنت يا رمضان *** هتفت بك الأرجاء والأكوان
لك في السماء كواكب وضاءة *** ولك النفوس المؤمنات مكان فماذا أعددت لشهر رمضان؟
أخية… لعلك قد أطلعت في غير ما كتاب، أو سمعت في غير ما شريط عن فضائل الصيام الكثيرة …..وغنائمه الكبيرة… ولعل العلم بتلك الفضائل هو الخطوة الأم التي تحفز النفس وتبعثها علي نيل خيرات رمضان العظيمة.
ولقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلمة جامعة فضائل الصيام.. وجعلها تحفيزا وتحريضا للمؤمنين والمؤمنات علي استثمار هذا الشهر في الخير….. وقضائه في الفضل والإحسان .. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف. قال الله عز وجل : إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به) رواه مسلم بطولة. فهذا الحديث فيه دلالة علي أن الصائم المخلص في صيامه بإيمان واحسان، يجزي علي الصيام جزاء بغير حساب.
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم ) رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني في الترغيب.
أضيف أنت حل علي الأنام *** وأقسم أن يحيا بالصيام
قطعت الدهر جوابا وفيا *** يعود مزاره في كل عام
تخيم لا يحد حماك ركن *** فكل الأرض مهد الخيام
نسخت شعائر الضيفان لما *** قنعت من الضيافة بالمقام
أختي المسلمة: ….
تذكري أن شهر رمضان يتميز عن باقي الشهور بأمرين :
الأول : أنه شهر فرض فيه الصيام.
الثاني: أنه شهر استحب الله فيه الاجتهاد في العبادة بأشكالها وأنواعها وجعل الثواب عليها مضاعفا.
ومن هنا فإن قضاء شهر رمضان وفق هذين الأمرين يقتضي منك- أخية:
أولا: الحرص علي تمام صحة الصيام بمراعاة شروطه وواجباته ومستحباته، وباجتناب مضاره وقوادحه ومفسداته.
ثانيا: الحرص علي الفضائل والقربات في نهار رمضان وليلة لاسيما ما ثبت في السنة الحرص علي، وما كان عليه السلف الصالح من حال في رمضان.
وهذان المقتضيان يستلزمان اطلاع المسلمة علي أحكام الصيام وآدابه وسننه.. وتعلم ذلك كله بالسؤال والمطالعة وسماع الدروس المفيدة وحضور حلقات العلم التي تخص هذا الشأن وكل ما من شأنه أن يكون وسيلة لتعلم تلك الأحكام. برنامج الأخت المسلمة في رمضان
أولا: برنامج ليلة رمضانوليلة رمضان تبدأ من ظهور هلال رمضان بعد غروب شمس ذلك اليوم، ويشرع في تلك الليلة القيام والسحر وغيرها من العبادات الثابتة بالدليل.وبرنامج الأخت المسلمة في ليالي رمضان يختلف بإخلاف تلك الليالي ذاتها . فالليالي العشر في رمضان أكثر فضلا وأدعي للحرص علي العبادة فيها.-القيام :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال(( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) رواه مسلم.
فالحديث: دليل علي فضل قيام رمضان، وأنه من أسباب مغفرة الذنوب. ومن صلي التراويح كما ينبغي فقد قام رمضان.
والمغفرة مشروطة بقوله ( إيمانا وإحتسابا )
ومعنى إيمانا :أي انه حال قيامه مؤمنا بالله تعالي، وبرسوله صلى الله عليه وسلم ومصدقا بوعد الله وبفضل القيام وعظيم أجره عند الله تعالي.
((واحتسابا)) أي : محتسبا الثواب عن الله تعالي لا بقصد آخر من رياء ونحوه فهذه فضائل القيام، وتلك شروطها،
وإذا تأملت أختي المسلمة في قوله (( أيمانا)) فإنه دال علي وجوب الاتباع في القيام، لأن الاتباع من مقتضى الأيمان بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا.
فمتي يكون القيام وكيف يكون.
وقت القيام وصفته: والسنة في القيام أن يكون أول الليل.
وليس من السنة تأخيره، فإذا رغبت المسلمة في الصلاة وقت السحر بعد القيام في أول الليل فذالك السنة أيضا.
قال أبو داود : قيل لأحمد وأنا أسمع : ( يؤخر القيام يعني التراويح في آخر الليل. قال لا سنة المسلمين أحب إلي ) مسائل الإمام أحمد لأبي داود ص62.
ولكن علي الأخت المسلمة إذا صلت في أول الليلة ورغبت في الصلاة أخره أن لا توتر، لقول النبيصلى الله عليه وسلم ( لا وتران في ليلة) رواه الترميذي والنسائي.
ومعني ذلك أن الوتر يكون في القيام المتأخر دون المتقدم، أو في المتقدم دون المتأخر.
وإذا حضرت – أخيه- القيام في المسجد فلا ينبغي لك الانصراف قبل الإمام ولو زاد علي إحدى عشرة أو ثلاث عشر ركعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من قام الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) رواة أبو داود والترمذي.
وإذا انتهيت من الوتر تقولين: سبحان الملك القدوس ثلاثا(3) كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه أبو داود والنسائي.
ولكن ينبغي لك الحرص علي آداب المشي إلي المسجد من الحشمة والوقار والستر والعفاف حتى لا يكون ذهابك فتنة تضر بها الرجال.
وأما صفة القيام فعليك أختي المسلمة أن تحافظي فيه علي تمام الركوع والسجود وأن تكثري في سجودك من الاستغفار والدعاء، فعن عائشة رضي الله عنها حين سئلت عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت : ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره علي إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن
وطولهن ، ثم يصلي أربعا ، فلا تسل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعا، فلا تسل عن حسنهن، وطولهن ثم يصلي ثلاثا، فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ قال: (يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي) رواه البخاري.
وعن أبن عباس رضي الله عنهما قال: (( كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشرة ركعة يعني الليل)) رواه البخاري ومسلم .
فيكون تكثير الركعات أو تقليلها بحسب طول القيام أو قصره قاله شيخ الإسلام ابن تيميه.
ويستحب لك أختي المسلمة الإكثار من تلاوة القرآن الكريم ، فإن أوقات السحر أو قات مباركة تفيض فيها رحمات الله علي خلقة في رمضان وفي غيره، وبعد القيام لا بأس أن تأخذي قسطا من الراحة يكون لك عونا علي الدين والدنيا إلا أن((البرنامج )) العام للنوم في رمضان لا ينبغي أن يتجاوز ثمان ساعات حتي لا يضر بالبدن ولا يلهي عن فصائل العبادات في شهر رمضان المبارك، ويكفي الأخت المسلمة أن تنام خمس ساعات بالليل بحسب الاستطاعة وساعتان في أول النهار ووسطه. كل بحسب قدرته وهمته، لا سيما إذا استعانت الأخت المسلمة بأذكار النوم التي تعطي قوة للبدن سائر اليوم ومن ذلك التسبيح ثلاثا وثلاثين والحمد لله ثلاثا وثلاثين، والتكبير أربعا وثلاثين قبل النوم.
2- السحور:
والسحور هي الأكلة الختام في آخر الليل ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حرصا عليه وكان يسميه الغذاء المبارك، وكان يرغب فيه أمته ويقول:((عليكم بغذاء السحور فإنه الغذاء المبارك )) رواه النسائي.
وقال صلى الله عليه وسلم (( تسحروا فإن في السحور بركة)) رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم (( السحور كله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله وملائكته يصلون علي المتسحرين)) رواه مسلم وأحمد.
ومما يجعل بركة السحور حاضرة فيه اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم فإن من هدية تأخيره إلي آخر الليل ، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور ) رواه البخاري ومسلم.
وتشمل بركة السحور بركة الدين والدنيا، فهو قوة علي الصيام والتقوى فيه إن شاء الله تعاليولذا أختي المسلمة عليك بالحرص عليه وتحرص وتحريه بدقة بالغه دون إفراط ولا تفريط وإياك أن يلهيك سهر الليل في الحديث أو غيره عن القدرة علي القيام إلي هذه البركة الربانية،فإن العبادات تتفاضل بالأوقات، فالسحور أفضل العبادات في وقت السحور، وهي أفضل من القيام وقراءة القرآن في وقتها.ثانيا : برنامج نهار رمضان
ونهار رمضان هو مضمار السباق إلي القربات والاجتهاد في العبادات، ولا يكون ذلك إلا بعد الحفاظ علي الصيام بتحري واجباته. وعليه فإن علي الأخت المسلمة أن تجتنب ما يلي:
1- مساوئ الأخلاق من الغيبة والنميمة والكذب والشتم والخصام ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ليس الصيام من الأكل والشرب، وإنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل إني صائم )) رواه ابن خزيمة والحاكم.
وعنه أيضا قال صلى الله عليه وسلم (( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) رواه البخاري.
( فقد دل هذا الحديث وما قبله علي أن الصائم يحرص علي سلامة صومه مما ذكر، وعلي أن هذه المذكورات يزداد قبحها في الصيام ولهذا ذكرت فيه.
كما دل الحديث علي أن الصيام الشرعي صيام الجوارح، وأما الصيام عن الطعام والشراب ففي مقدور كل أحد فأمره سهل)
2- التساهل في معرفة الأحكام: فإن أحكام الصيام لا سيما ما يتعلق بالمرأة المسلمة تشكل علي كثير من النساء كأحكام الحيض والنفاس والحمل والرضاع وغيرها مما يختص به النساء دون الرجال، ولذلك يقع كثير من النساء في مخالفات كثير في هذا الأمر ، وسبب ذلك هو التساهل في معرفة أحكام الصيام والأعراض عن تعلمها.- التساهل في أداء الصلوات أو تركها: فإن الله جل وعلا قد جعل الصلاة ركنا من أركان الإسلام كما أن الصيام ركن من أركان الإسلام فكيف يعقل الحفاظ علي ركن الصيام مع التفريط في ركن الصلاة، لا سيما وأن الصلاة أعظم منزلة عند الله، بل قبول الصيام منوط بقبولها. لذا أختي المسلمة عليك بالحرص علي اجتناب هذه المخالفات حتى يكون الصيام بعيدا عن القوادح من سوء الخلق وإتيان المبطلات أو ترك الصلوات ، وبعد ذلك إليك برنامجا عاما في نهار رمضان. من صلاة الفجر إلي شروق الشمس
يستحب في هذا الوقت الحرص علي الأذكار عقب الصلاة، وأذكار الصباح وقراءة القرآن إلي شروق الشمس فإن رأت الأخت المسلمة من نفسها تعبأ نامت بعد الشروق.
ساعة ونصف
أو ساعتين بعد الشروق للنوم
وذلك بحسب الهمة، فإن كانت الأخت المسلمة قد أرهقت في الليل بالقيام وغيره فيستحب لها ذلك حتى تستعيد نشاطها في النهار، وإن وجدت في نفسها قدرة لجأت إلي استثمار صيامها بحفظ القرآن وتلاوته علي أن تخصص قسطا من القرآن تحفظه وتتعاهده كل يوم فإن انقضي رمضان وجدت نفسها قد حفظت من القرآن الكثير وأحيت سنة تلاوته كما كان حال السلف رضوان الله عليهم.
إذا لم تكن الأخت المسلمة ممن يلزمها مزاولةلواجبات والأعمال كالدراسة والعمل ونحوه، فيستحب لها الإكثار من القربات في هذه الأوقات كالذكر والاستغفار وتلاوة القرآن مع الحرص علي صلاة إلي الظهر الضحى خصوصا والنوافل عموما، ويستحب لها ذلك حتى وهي في طريقها إلي واجباتها وحتى وقت مزاولتها للطبخ مثلا ونحوه.فاوت استثمار هذا الوقت بحسب استطاعة النساء.فمن وجدت في نفسها القدرة علي الأعمال فإنها تجعل هذا الوقت فرصة لتعلم القرآن وتلاوته ومدارسته في دور القرآن أو في بيت يجتمع فيها الفاصلات فإن لم تجد فإنها تجلس في حجرتها خاشعة بالذكر والتلاوة وتروح عن نفسها بسماع ما يفيدها من الدروس والأحكام لاسيما ما يتعلق الصيام.من العصر
إلي المغربتقوم الأخت المسلمة في هذا الوقت بواجباتها المنزلية مع حرصها علي المداومة علي الذكر كالاستغفار والتسبيح وغير ذلك. فإن لم يكن عليها واجب تعمله فعليها أن تستثمر هذا الوقت في حفظ القرآن وتلاوة وتعليم أبنائها أحكام الصيام ومدارستها من هو أهل لذلك كما يستحب أيضا الحفاظ علي أذكار المساءمن المغرب
إلي العشاءيستحب تعجيل الفطور، فقد قال صلى الله عليه وسلم ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)) رواه البخاري ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم (( قال الله تعالي: إن أحب عبادي إلي أعجلهم إفطارا)) رواه الترميذي وأحمد . مع مراعاة آدابه وسننه ثم الاستعداد لصلاة العشاء والقيام.أخيه…فهذه إشارات تدلك بإذن الله علي إحسان الصيام والإتيان به علي الوجه الأكمل حتى تكوني إن شاء الله ممن يقطف ثمار الصيام اللذة في الدنيا والآخرة.
وصلي الله علي محمد وعلي آله وصحبه أجمعين .