خالد حافظ *******
عدد المساهمات : 154 نقاط : 438 تاريخ التسجيل : 31/03/2012
| موضوع: ' هذه يد يحبها الله ورسوله ' الأربعاء يونيو 19 2013, 15:45 | |
| روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مد يده مسلماً على معاذ بن جبل رضي الله عنه فلمس في يده خشونة فسأله عن سببها فأخبره أنها من أثر العمل فقبّلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : (هذه يد يحبها الله ورسوله ولا تمسها النار), وقال صلى الله عليه وسلم أيضا:( أشد الناس عذابا يوم القيامة المكفى الفارغ أي الذي يكفيه غيره مطالب معيشته), وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمسى كالا ( متعباً ) من عمل يده أمسى مغفور له'. وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:( طلب الحلال واجب على كل مسلم). وقد قال بعض السلف: إن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها إلا الهم في طلب المعيشة ومما أثر عن لقمان الحكيم أنه قال لابنه:( يا بني استغن بالكسب الحلال عن الفقر فإنه ما أفتقر أحد قط إلا أصابه ثلاثُ خصال:' رقةُ في دينه ، وضعفٌ في عقله ، وذهاب مروءته'.الإسلام دين الفطرة يلبي حاجة الفرد والمجتمع، وينظِّم شؤون الحياة كلها ،هذا الدين العظيم دينٌ ودولة ,وعملٌ واجتهاد، ومصحف وسيف, وعقيدة وعبادة, وخلقٌ وأدب، وعبادةٌ واكتساب، يعمل فيه المرءُ لدينه كأنه يموت غداً، ويعمل لدنياه كأنه يعيش أبدا الدهر. بل إنه جمع مرارا بين الاكتساب والعبادة, قال الله تعالى :(فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). المسلم يطلبُ الرزق الحلال في خبايا الأرض بجهده وعرق جبينه ليكون عاملا عزيزاً سيداً ، ومعطياً باذلاً لا آخذاً ولا سائلا وليكون مستعلياً لا مستذلاً, ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وأن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده), وقال أيضا:( كان زكرياء عليه السلام نجاراً ), وقوله صلى الله عليه وسلم:( اليد العليا خير من اليد السفلى), اليد العليا هي يد المعطي، واليد السفلى هي يد الآخذ، فالمعطي يده خير من يد الآخذ. وكان الأمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ : يمر بالسوق ويقول: (ما أحسن الاستغناء عن الناس) وقال له رجل : ترى أن أعمل ؟ قال: (:نعم وتصّدق بالفضل على قرابتك). إن العملَ والاكتساب وطلبَ المالِ الحلال لا يناقض الزهد ولا ينافيه فهذا سيد البشر محمدٌ صلى الله عليه وسلم عمل بالتجارة إلى الشام وباع واشترى فلقد كانت الدنيا بين يديه ولم تكن في قلبه، وكان سَيّد المتوكلين, فليس معنى الزهد ألا تعمل للدنيا وليس معنى الزهد أن تترك عمارة الدنيا وليس معنى أن تكون فقيرا وليس معنى الزهد اعتزال الناس والتواكل والنوم في المساجد, فقد قال تعالى:' إني جاعل في الأرض خليفة ' وقد قال تعالى:' هو أنشاكم من الأرض واستعمركم فيها ', وقال صلى الله عليه وسلم: (إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس). إن معنى الزهد أن تعمل للدنيا بحيث لا تشغلك عن الآخرة , معنى الزهد أن تمشي على الأرض وقلبك يرنو إلى السماء, أن تكون الدنيا بين يديك لا في قلبك, وان تعيش بقلوب أهل الآخرة. قال رجل لسفيان بن عيينة رحمه الله: هل يكون الرجل زاهداً وعنده مئةُ دينار؟ قال: نعم .قال وكيف ذلك ؟ قال : إن نقصت لم يغتم ولم يحزن وإن زادت لم يفرح ولا يكره الموت لفراقها. وقيل لسفيان الثوري: أيكون الرجل زاهداً ويكون له المال؟ قال:( نعم, إذا أبتلى صبر وإذا أعطي شكر) .
المسلم الحق هو الذي لا يكون عالة على مجتمع بل يَجِدُّ ويكد ويعمل، ويبذِلُ السبب لنيل المال الحلال, فهو يقرأ قوله تعالى:(وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ). ولقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :(نعم المال الصالح للرجل الصالح). لقد أساءَ جمعٌ من أهل الإسلام - هداهم الله - فهم الموقف الحقيقي من كسب المال فتجد من هؤلاء يحرصُ على جمع المال من أي وجه كان، فالحلال ما حَلَّ بيده والحرام ما عجز عنه، فأمواله من كسِب الربا الخبيث، ومن الغش والمكر والاحتيال والرشوة وغيرها. قد سيطر الهلع والجبنُ والبخلُ على نفسه وامتلكت الدنيا قلبهُ فهو مجنون المال, يحب المال حبا جما فغضبه للمال إن نقص، ورضاه للمال إن كثر، جموعٌ منوع هلوع جزوع ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتفش). ذاك الرجلُ الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه :( يطيلَ السفر، أشعث أغبر، يمدُّ يديه إلى السماء، يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام ، وغذى بالحرام فأني يستجاب له). لقد جمع هذا الرجلُ من صفات الذل والمسكنة، والفقر والحاجة، ما يدعو إلى قبول دعائه، ويؤكد شدة افتقارِه ولكنه قد قطع صلته بربه ، وحَرَمَ نفسه من مدد مولاه ، فحيل بينه وبين القبول. أخي الفاضل : لقد أساءَ جمعٌ آخر من أهل الإسلام - هداهم الله- فهم الموقف الحقيقي من العمل بحجهِ التوكل وما هو في الحقيقة إلا عجزٌ وكسل وضعف همة وقلة إرادة وتواكل, بل إن حقيقة التوكل اعتمادُ القلب على الله وفعلُ الأسباب مع الثقة بالله سبحانه, فهو سبحانه الرزاق فما من دابةٍ إلى على الله رزقها ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لو أنكم تتوكلون على الله حّقَّ توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطانا), فالطير يفعل السبب بغدوه من أول النهار. أخي الكريم: إن القعود عن العمل والبطالة والركون إلى الدعة والنوم والكسل يُعَدُّ مطعناً وصفة سيئة في مروءة ودين الرجل, قال عمر رضي الله عنه:( إني لأرى الرجل فيعجبني شكله فإذا قيل لا عملَ له سقط من عيني) . الإسلام لا يعرف عاطلا عن العمل بل نجده يحث عليه ولو قامت الساعة, فعن أنسٍ رضيَ الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَفي ِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ ،فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا؛ فَلْيَغْرِسْها ). الله اكبر كم في هذا الحديث من معان فتفكر بها . جعل القرآن الكريم العامل الذي يكسب رزقه من عمل شريف، مساويًا للمجاهد في سبيل الله في الفضل، قال تعالى: ( وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله). الإسلام يريد لأتباعه أن يكونوا أقوياء أعزاء يقومون بأمورهم بأنفسهم لا أن يكونوا أذلاء يعيشون على صدقات الآخرين ولذلك نجده يحث على العمل وعدم مساءلة الناس, فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمةٍ من حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس: أعطوه أو منعوه) . وجاء رجل من الأنصار إلى النبي يسأله مالاً، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أما في بيتك شيء؟). قال: بلى، حِلْسٌ نلبس بعضه، ونبسط بعضه، وقَعْبٌ نشرب فيه الماء. قال: (ائتني بهما). فأتاه بهما؛ فأخذهما رسول الله ، وقال: (من يشترِي هذين؟), فقال رجلٌ: أنا آخذها بدرهم. قال: (من يزيد على درهم، مرتين أو ثلاثًا)، قال رجلٌ: أنا آخذهما بدرهمين. فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين، وأعطاهما الأنصاري، وقال: (اشترِ بأحدهما طعامًا وانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدومًا؛ فائتني به)، ففعل الرجل ما أمره به الرسول صلى الله عليه وسلم وأَحضر قدومًا، فقال رسول الله :( اذهب واحتطب وبعْ، ولا أرينَّك خمسة عشر يومًا)، فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبًا، وببعضها طعامًا. فقال رسول الله (: (هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة. إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة:لذي فقر مدقع – شديد- أو لذي غرم مُفظِع، أو لذي دم موجع). أخي الفاضل : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إن الله طيّب لا يقبل إلا طيّبًا، و إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال:' يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحًا إني بما تعملون عليم '. و قال : 'يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم'. اللهم ارزقنا الحلال وبارك لنا فيه وباعد بيننا وبين الحرام كما باعدت بين المشرق والمغرب. | |
|
دنيا عامر ******
عدد المساهمات : 1626 نقاط : 3366 تاريخ التسجيل : 06/12/2010
| موضوع: رد: ' هذه يد يحبها الله ورسوله ' الثلاثاء أغسطس 06 2013, 01:29 | |
| | |
|