حاسب نفسك وراجعها حتى تتغير للأفضل
الحمـد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
من الحقائق التي نتذكرها دائما، من لم يكن في زيادة، فهو في نقصان، وإذا
أردنا التقدم للأمام، وعدم التراجع للخلف؛ فعلينا أن نتوقف مع أنفسنا
ونحاسبها، لنعرف هل هذه النفس محسنة أم مقصرة، وهل تحتاج إلى مراجعة وتذكير
حتى تتغير، أم تحتاج للمجاهدة والمحاسبة لكي تطبق ما تؤمن به، وأول الطريق
يبدأ بمحاسبة النفس والتوقف معها وتذكيرها بأن هناك حسابا في القبر، وفي
الآخرة، و يجب أن تستعد له، و يكون ذلك بمراجعتها ومجاهدتها، حملها على
التغيير للأفضل والتطوير للأحسن، والتحسين في الوسائل، والتطبيق لما تقول.
في العبادة:
· راجع نفسك أولا في أصول الدين، وأركان الإسلام، ابدأ بالفرائض وانظر كيف تصليها ومتى وأين تصليها؟
· ثم تأمل في السنن وما الأصل فيها ووضعك الحالي، وهل تزيد دائما من عددها أم ضيعتها؟
· تذكر ختام الصلوات بعد كل صلاة، وهل تواظب عليها وهل تعلم فضلها واجتهد في تنفيذها.
· حافظ على أذكار الصباح والمساء، وهل ترددها وتتأثر بها وتحاول تداوم عليها؟
· انظر في أحوالك مع كتاب الله تلاوة وحفظا وفهما وعملا وهل أنت ممن تلين جلودهم وقلوبهم لذكر الله؟
· حاسب نفسك عن بقية السنن (غير الراتبة)، مثل: الضحى والاستخارة والاستسقاء والحاجة وهل تستشعر دوما فضلها؟
· ماذا فعلت لنصرة الدين؟ ماذا قدمت وماذا أنت فاعل تجاه قضايا أمتك التي اتسعت.
في العمل:
o راجع رزقك الذي تكسبه، هل هو من حلال أم مخلوط بحرام أو شبهة وانتبه دائما.
o تفقد علاقاتك مع رؤسائك ومرؤوسيك، وهل هي خالصة لوجه الله أم تنتظر شيئا.
o انظر في موارد عملك المادية، وهل أنت أهل للأمانة؟ إذا لماذا تأخذ لبيتك من عملك؟
o راجع مهاراتك اللازمة لأداء عملك، وهل عند الرغبة للزيادة من هذه
المهارات، مثل حضور دورات إدارة الوقت والتخطيط الشخصي، ومهارات الحاسب
واللغة الإنجليزية، وأيضا مهارات التعامل مع الآخرين ومهارات العرض.
o تأمل تفكيرك الإبداعي لعملك، ويا ترى متى آخر مرة تقدمت بفكرة مدروسة جديدة.
o حاسب نفسك عن انضباطك في ساعات العمل أو الدوام، وهل يا ترى أنت منضبط ؟ إذا متى ستنضبط ؟
o راجع علاقاتك بزميلات العمل (إذا كنت في عمل فيه اختلاط جزئي)، وهل تراعي الضوابط الشرعية أم أنك لا تبالي؟
في بيتك
§ راجع علاقتك بزوجتك وأولادك، وهل أنت تخصص لهم وقتا؟ إذا متى ستهتم؟
§ انظر في حديثك إليهم وجلوسك معهم، هل الحديث مُركَّز ومفهوم أم على الهامش؟
§ حاسب نفسك عن استماعك وإنصاتك إليهم، وهل تنصت لهم جيدا أم يضيق صدرك بهم؟
§ هل تخاف عليهم وتحافظ على عرضهم، إذا لماذا لا تتابعهم وتهتم بهم؟ انتبه!
§ حاسب نفسك عن تربيتك لأبنائك، وخططك المستقبلية لهم، هل ناقشتهم في مستقبلهم؟ متى؟
§ راجع حاجتهم لك، وهل الأمر طعام وشراب ولباس فقط؟ أم استيعاب كامل لهم؟
§ انظر في حاجتك لهم، وهل فعلا تحتاج لدعائهم ودعمهم لك وحنوِّهم عليك أم لا؟
مع المجتمع:
راجع اتصالك بالناس، خاصة الجيران والأهل والأصحاب، هل أحسنت التعامل معهم، و ماذا قدمت لهم؟
راجع أفكارك فيما ينبغي عمله مع المجتمع، وهل قمت بواجبك نحوهم أم لا؟
كيف همتك مع المجتمع، في الأخذ و العطاء، وهل أنت تركت فيهم أثرا؟
انظر في خطواتك نحو المجتمع، فهم بك وبغيرك، أما أنت فبهم لا محالة؟
ما مدى ثقافتك عن مجتمعك، أقبل عليه، افهمه، تعلم أنماطه لتحسن المعاملة؟
هل تقلد العادات والتقاليد السائرة في المجتمع، وما يصطدم مع الشرع هل تطرحه جانبا.
راجع صورة مجتمعك عن طريق شخصيتك، وهل تحسن تمثيل المجتمع؟
مع النفس:
v راجع تصرفاتك مع نفسك، هل تقبل عليها تحاسبها وتعاتبها وتعاهدها؟
v انظر في أفعالك وأقوالك الطيبة، حاول أن تستزيد منها، واقرأ كلاما طيبا؟
v حاسب نفسك عن أفعالك وأقوالك السيئة، لماذا صدر منك ذلك، تعلم من المواقف؟
v راجع معلوماتك عن نفسك، هل أنت تعلمها وتستطيع قيادتها أم تقودك هي؟
v انظر في المواقف التي توجعك فتربيك وتصنع منك رجلا، وأكثر منها؟
v حاسب نفسك عن أوقات فراغك وشغلك وصحتك وسقمك وغناك وفقرك وكن في زيادة؟
v راجع زيادتك أو إسهاماتك في الدنيا، علما علمتَه، أو صدقة تركتها، أو
ولدا صالحا خلفته، أو عدوا للإسلام كسرته، أو راية للإسلام رفعتها، وإلا
فاعلم أنك عليها زيادة.
أحبتي كلماتي هذه لكم أنتم كتبتها، وهذه الشكوى لكم أبثها، لا لأكون لكم
معلما، أو أصير لكم إماما، أو تتخذوني شيخا وعالما، والله ما أردت إلا
التذكير بما هو عظيم وخطير، حتى يترك الجميع ما هو حقير وصغير، لنعيش جميعا
أيام التطهير، لهذه النفوس التي وهبها الله لنا، وسيقبضها منا ولا نملك
منها شيئا، ولا نستطيع إعادتها، وطالما أن الأمر كذلك فيجب الخوف والطمع،
خوف من غضبه وعذابه ، وطمعا في رضاه وجنته، ولن يكون ذلك إلا بمحاولة
المحاسبة والزيادة من الطاعات، والتقليل من المعاصي والسيئات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.