كان سعد السلمي من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- , وكان فقيرًا دميمًا ؛ فذهب سعد إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- وقال: يا رسول الله أدمامتي تمنعني من دخول الجنة؟ فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم-: لا يا سعد بل إن أكرمكم عند الله أتقاكم؛ فقال سعد: يا رسول الله لقد عرضت نفسي على كل أصحابك فلم يقبلني أحد زوجا لابنته؛ فتألم النبي- صلى الله عليه وسلم- من مقولته وقال له: "يا سعد، اذهب إلى دار عمرو بن وهب وأقرئه مني السلام وقل له النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول لك زوجني ابنتك.
فذهب سعد إلى دار عمرو بن وهب, وعندما خرج إليه عمرو قال له: النبي- صلى الله عليه وسلم- يقرؤك السلام ويقول لك زوجني ابنتك؛ وكان عمرو بن وهب من أشراف الأنصار ووجهائهم وكان عدد كبير من شباب المسلمين يترددون عليه ليخطبوا ابنته؛ ولكنه عندما رأى سعدا بدت عليه علامات الدهشة ووقف متحيرًا, وعندما رأته زوجته قالت: ما بالك يا عمرو؟ فقال لها أرسل إلينا النبي- صلى الله عليه وسلم- سعد السلمي لأزوجه ابنتي وهذه رسالة النبي- صلى الله عليه وسلم- إلي؛ فقالت له زوجته اعتذر له وأمهله حتى نفكر ثم نرد عليه؛ فاعتذر عمرو بن وهب لسعد؛ فرجع سعد وكان عمرو بن وهب وزوجته لا يزالا يتهامسان, فرأتهما ابنتهما وسألت أباها: يا أبتاه فيم تتهامسان؟ فقال لها: يا بنيه لقد أرسل إلينا النبي- صلى الله عليه وسلم- سعد السلمي ليخطبك .. ففرحت وأخذت تردد "أرسل إلينا النبي .. أرسل إلينا النبي" وهي سعيدة وفرحة ؛ فقالوا لها أرسل إليك ليخطبك لسعد السلمي وأنتِ لا تعرفين من هو سعد؟ قالت يا أبي أذهب إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- قبل أن يفضحنا الوحي؛ وقل له رضينا بما يُرضيك يا رسول الله؛ فذهب عمرو بن وهب إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- وقال: يا رسول الله رضينا بما يرضيك، والتقى عمرو بن وهب بسعد السلمي عند النبي- صلى الله عليه وسلم- وقال النبي: "يا سعد أمْهِر زوجتك ولو بخاتم من فضة؛ فقال سعد: يا رسول الله ليس معي حتى خاتم من حديد؛ فنظر النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى أصحابه وقال لهم: أعينوا أخاكم ؛ فجمعوا له مالاً كثيرًا وقدموه لسعد، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- لسعد: اذهب وجهز كل ما تحتاجه وأحضر كل ما تحب أن يكون معك. فذهب سعد إلى السوق و سمع هو في طريقه مناديًا ينادي (يا خيل الله أركبي.... يا خيل الله أركبي.... حي على الجهاد.... حي على الجهاد) ففرح سعد لأن ظروفه السابقة لم تكن تؤهله لأن يكون مقاتلاً ومجاهدًا في سبيل الله وأن يكون خاطبًا للحور العين؛ فلما وجد ما يعد به نفسه للجهاد ذهب إلى السوق وأحضر كل ما يحتاجه من سيف ورمح وفرس؛ حتى أصبح قادرًا على القتال؛ وعندما امتطى جواده وهم أن يذهب إلى القتال؛ قال: والله إني لأخاف أن أفسد على المسلمين أن يتحيروا في أمري إذا رأوني في ساحة القتال فيقولوا لقد ترك سعد عروسه .. فتلثم حتى يحفظ على نفسه سره وحتى لا يشغل المسلمين به ونزل إلى القتال وهو عازم أن يكون أول شهيد وأن يقتل من المشركين ما يستطيع حتى يتقبله الله؛ حتى أن بعض الصحابة قالوا يا رسول الله أبشر لقد رأينا الملائكة تحارب معنا وهم يقصدون سعدا؛ وعندما انتهت المعركة وبدأ النبي- صلى الله عليه وسلم- يتفقد الجرحى والقتلى وجد الرجل الملثم وكشف لثامه ورأى الصحابة هذا الرجل الملثم .. قالوا يا رسول الله هذا من كنا نظنه ملكًا من الملائكة وعندما رفع اللثام وجده (سعدًا السلمي)؛ فبكى النبي - صلى الله عليه وسلم- ثم قام ثم ضحك؛ فقال الصحابة: يا رسول الله ما أبكاك؟ قال بكيت لفراق سعد؛ قالوا: وما أضحك؛ قال ضحكت عندما وجدت الحور العين يتسابقن عليه؛ وقال النبي- صلى الله عليه وسلم – "كل ما تركه سعد أرسلوه لزوجه ولبيت عمرو بن وهب