الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن السعي في حرمان النساء من الميراث - سواء سعى في ذلك الميت قبل وفاته أم الورثة من بعده - يعتبر أمرا محرما من عادات أهل الجاهلية الأولى، وعملا يدل على عدم الرضا بقسمة الله تعالى.
وكل طريق يتخذ حيلة لإسقاط حق المرأة من الميراث يعتبر من الحيل المحرمة كما يفعله بعض من قسا قلبه وغلظ طبعه من الهبة للذكور قبل مماته، أو الوصية لهم بقصد حرمان البنات من الميراث بحجة أن البنت لو ورثت فسيذهب المال إلى زوجها وأهله وغير ذلك من الحجج السخيفة التي يريدون أن يبطلوا بها شرع الله تعالى.
وننبه السائلة إلى أنه لا ينبغي لأخطاء المجتمع وعاداته الجاهلية إن وجدت أن تحملنا على إنكار ما هو ثابت شرعا. فإنكارها سيادة الرجل على المرأة أمر يحتاج منها إلى إعادة نظر. فولاية الرجل على المرأة وقوامته عليها أمر ثابت شرعا.
فالله تعالى جعل القوامة للرجل على المرأة فقال: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ... {النساء: 34}. وسمى الزوج سيدا فقال عن امرأة العزيز: .. وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ...{ يوسف: 25 } وقال: ... وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ {البقرة: 228 }.
والنبي صلى الله عليه وسلم جعل صحة النكاح مشروطا بالولي فقال: أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ. رواه أحمد والترمذي. ومنع المرأة من السفر من غير محرم فقال: لَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ.
وجعل عصمة النكاح بيد الزوج لا الزوجة، وغير ذلك مما خص به الرجل في حدود ما جاء به الشرع. وانظري للأهمية الفتوى رقم: 131839, والفتوى رقم: 138007.
ولكن ليس معنى قوامة الرجل التحقير بالمرأة ولا ظلمها أو النظر إليها نظرة دون، فهي صنو الرجل وسكنه ولباسه، وهو لباسها وكمالها وعفتها، ولكل منهما دوره في الحياة حسبما تقتضيه طبيعته.
والله أعلم.