التقوى هي أعظم سبب للسعادة في الدنيا و الآخرة فالمتقون يسعدون بالطاعة و ثمارها في الدنيا و شاهد هذه السعادة في نفس العبد أنه إذا وقع في معصية الله عز و جل لضعف الوازع التقوى كم يجد من حرج في صدره و ضيق و وحشة بينه و بين الله عز و جل و بينه و بين ع باد الله المؤمنين فلو حصلت له الدنيا بحذافيرها لم يعوضه هذه الوحشة ثمرات التقوى العاجلة ( أي في الدنيا ) ـ
1- المخرج من كل ضيق و الرزق من حيث لا يحتسب :
قال الله تعالى " و من يتقِ الله يجعل له مخرجاً و يرزقه من حيث لا يحتسب "
قال الربيع ابن خثيم : يجعل له مخرجاً من كل شيء ضاق على الناس
2- السهولة و اليسر في الأمر : قال الله تعالى " و من يتقِ الله يجعل له من أمره يسرا " و هي نعمة كبرى أن يجعل الله الأمور ميسرة لعبد من عباده فلا مشقة و لا عسر و لا ضيق
3- تيسير العلم النافع : قال تعالى " و اتقوا الله و يعلمكم الله , والله بكل شيء عليم "
قال ابن عثيمين رحمه الله : أي ما تفرقون به بين الحق و الباطل و الضار و النافع و من ذلك العلم ....يفتح الله على المتقي من العلوم ما لا يفتحها لغيره
.الفهم لأن التقوى سبب زيادة الفهم , و قوة الفهم يحصل بها زيادة العلم
الفراسة فالله يعطي للمتقي فراسة يميز بها بين الناس
4- إطلاق نور البصيرة : قال الله تعالى " إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً " الفرقان في اللغة هو الصبح الذي يفرق بين الليل و النهار و يسمى القرآن فرقاناً لأنه كالصبح يفرق بين الحق و الباطل , و تقوى الله في الأمور كلها تعطي صاحبها نورا يفرق به بين دقائق الشبهات التي لا يعلمهن كثير من الناس
5- محبة الله عز و جل و محبة ملائكته و القبول في الأرض :
قال الله تعالى " بلى من أوفى بعهده و اتقى فإن الله يحب المتقين "
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إذا أحب الله العبد قال لجبريل : قد أحببت فلاناً فأحبه فيحبه جبريل عليه السلام ثم ينادى في أهل السماء إن الله قد أحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض "
قال أبو الدرداء : إن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله فإذا أحبه الله حببه إلى عباده
و عن هرم ابن حيان : ما أقبل عبد بقلبه إلى الله إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين عليه حتى يرزقه مودتهم
6- نصرة الله عز و جل و تأييده و تسديده :
قال تعالى " و اتقوا الله و اعلموا أن الله مع المتقين "
فهذه المعية هي معية التأييد و النصرة و التسديد و هي معية الله عز و جل لأنبيائه و أوليائه و معيته للمتقين و الصابرين
قال ابن رجب : و هذه المعية الخاصة بالمتقين غير المعية العامة المذكورة في قوله " و هو معكم أينما كنتم "
قال قتادة : و من يتق الله يكن معه و من يكن الله معه فمعه الفئة التي لا تغلب و الحارس الذي لا ينام و الهادي الذي لا يضل
و كتب بعض السلف لأخيه : أما بعد ,إن كان الله معك فمن تخاف و إن كان عليك فمن ترجو
7- البركات من السماء و الأرض :
قال تعالى " و لو أن أهل القرى آمنوا و اتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء و الأرض
8- الحفظ من كيد الأعداء و مكرهم :
قال تعالى " و إن تصبروا و تتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط "
و هذا تعليم من الله و إرشاد إلى أن يستعان على كيد الأعداء بالصبر و التقوى و قد قال أحد الحكماء : إذا أردت أ ن تكبت من يحسدك فازدد فضلاً في نفسك
9- حفظ الذرية الضعاف بعناية الله عز و جل :
قال الله تعالى " و ليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله و ليقولوا قولاً سديداً "
قال ابن المسيب لابنه : يل بني إني لأزيد في صلاتي من أجلك رجاء أن أُحفظ قيك و تلا هذه الآية " و كان أبوهما صالحاً "
10- سبب لقبول الأعمال التي بها سعادة العباد في الدنيا و الآخرة :
قال الله تعالى " إنما يتقبل الله من المتقين" و قال بعض السلف : لو أعلم أن الله يقبل مني سجدة بالليل و سجدة بالنهار لطرت شوقاً إلى الموت
11- سبب النجاة من عذاب الدنيا :
قال تعالى " و أما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون و نجينا الذين آمنوا و كانوا يتقون "
ثمرات التقوى الآجلة :ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
1- تكفير السيئات و هو سبب النجاة من النار و عظم الأجر و هو سبب الفوز بالجنة :
قال تعالى " و من يتقِ الله يكفر عنه سيئاته و يُعظِم له أجراً "
و قال تعالى " و لو أن أهل القرى آمنوا و اتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم "
و قال تعالى " و إن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا و نذر الظالمين فيها جثيا 2- ميراث الجنة فهم أحق الناس بها و أهلها بل ما أعد الله الجنة إلا لأصحاب هذه الرتبة العلية و الجوهرة البهية :
قال تعالى " تلك الجنة التي نورثُ من عبادنا من كان تقيا "
و قال تعالى " و جنة عرضها السموات الأرض أعدت للمتقين "
3- و هم لا يذهبون إلى الجنة سيراً على الأقدام بل يحشرون إليها ركباناً مع أن الله يقرب الجنة إليهم تحية لهم و دفعاً لمشقتهم :
قال تعالى "و أزلفت الجنة للمتقين غير بعيد "
و قال تعالى " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً "
4" و هم لا يدخلون أدنى درجاتها بل يفوزون فيها بأعلى الدرجات و أفضل النعيم قال تعالى " إن للمتقين مفازا "
و قال تعالى " إن المتقين في جناتٍ و نهر في مقعد صدق عند مليكٍ مقتدر "
و و صف الله عز و جل دارهم فقال سبحانه و تعالى " و لدار الآخرة خير و لنعم دار المتقين "
5 و هي تجمع بين المتحابين من أهلها حين تنقلب كل صداقة و محبة إلى عداوة :
قال تعالى " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين "
فالمتقون هم الذين تدوم محبتهم و خلتهم كما قيل :
ما كان لله دام و اتصل...........و ما كان لغير الله انقطع و انفصل 6 و هم يسعدون بالصحبة و المحبة و هم يساقون إلى الجنة زمراً زمراً :
قال الله تعالى " و سيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها و فتحت أبوابها و قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين
حبيبتي في الله .......و قد سعدنا بصحبة التقوى و أهلها و ثمارها فهل لكِ أختي الحبيبة أن تحققي لنفسك السعادة في لحظة واحدة و هي لحظة صدق تجلسي فيها مع نفسك فلا تخدعيها و تحاسبيها على ما مضى من عمرك فتصلحي ما مضى بتوبة صادقة و تصلحي حاضرك بالعمل الصالح و تصلحي مستقبلك بالنية المخلصة و العزيمة الصادقة على التزود بالتقوى و جعلها منهج لحياتك
فكل نفس من أنفاسك هو جوهرة ثمينة تستطيعي أن تشتري بها كنز لا يفنى
قال الحسن : نعمت الدنيا كانت للمؤمن و ذلك لأنه عمل فيها قليلاً و أخذ زاده منها إلى الجنة و بئست الدار الدنيا كانت للكافر و المنافق و ذلك لأنه أضاع فيها لياليه و أخذ منها زاده إلى النار
نسأل الله عز و جل أن يختم لنا بخاتمة السعادة و أن يرزقنا الحسنى و زيادة و أن يجعلنا من عباده المتقين الذين يسعدون في الدنيا بالطاعات و محبة رب العالمين و في الآخرة بالجنات و النظر إلى وجه الله الكريم