نبدأ الحديث عن نزول الوحي بتعريف الوحي نفسه فالوحي في اللغة هو الإلهام و القذف في الروع و ذكر معناه في المصباح المنير بأنه كل ما ألقيته إلى الغير ليعلمه وقد ذكر الوحي في القران الكريم بمعان عدة
فقد ورد بمعنى ما فطر الله عليه بعض مخلوقاته من السنن الكونية كقوله تعالى : فقضاهن سبع سموات في يومين و أوحى في كل سماء أمرها
و ورد بمعنى الإلهام الغريزي للمخلوقات كقوله تعالى : وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا و من الشجر ومما يعرشون و و كذلك وحي الله إلى الملائكة بتثبيت المؤمن :ذ يوحِي ربك إلى الملائكة أنِّي معكم فثبتوا الذين ءامنوا
و ورد بمعان عدة أخرى في القرآن
و من المعاني التي ورد بها و هي التي تهمنا هنا و هو ما يلقيه الله إلى أنبياءه و رسله فوحي النبوة هو ما يلقيه الله عز وجل إلى أنبيائه و رسله من معارف ليحفظوها و يعوها ويبلغوها للناس قال تعالى
إنَّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح و النبيِّن من بعده و أوحينا إلى إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب و الأسباط و عيسى و أيوب و يونس و هارون وسليمان و ءَاتينا داود زبورا
و بعد أن عرفنا معنى الوحي فالنبدأ ببدئ نزول الوحي على الرسول عندما شارف الرسول على سن الأربعين ازداد إقبالا على التحنث و الحلوة للعبادة خارج مكة وكان موقع خلوته المفضل غار حراء حيث كان يأوي إلى كهف فيه متأملا متعبدا
و ازدادت نفسه رقة و شفافية فكان لايرى رؤيا في منامه إلا جاءت صادقة واضحة كفلق الصبح حتى أتم أربعين سنة من عمره جاءه الملك في غار حراء و قال له : اقراء فقال: ما أنا بقارئ فأخذه الملو ضمه حتى حبس نفسه ثم أرسله و كرر ثلاثا حتى قال في الثالة ماذا أقرأ فقال الملك
اقرأ باسم ربك الذي خلق, خلق الإنسان من علق , اقرأ وربك الأكرمو الذي علم بالقلم , علم الإنسان ما لم يعلم
و هكذا كانت بداية لمرحلة جديدة وفريدة من حياة الرسول محمد مرحلة كان لها أكبر الأثر في حياته و حياة الأمة التي أكرمها الله في أن تكون أمة محمد و أمة دينه الإسلام وفي حياة الكون بأجمعه إنسه و جنه
"" و يقول رسول الله إنه بعد أن انصرف عني الملك هببت من نومي و كأنها نقِشت في قلبي.فخرجت حتى إذا كنت في وسط الجبل سمعت صوتا من السماء يقول:يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل فرفعت رأسي إلى السماء أنظر فإذا جبريل في صورة رجل فوقفت أنظر إليه فما أتقدم ولا أتأخر و جعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء فلا أنظر ناحية إلا رأيته فما زلت واقفا لا أتقدم ولا أرجع إلا أهلي حتى انصرف عني""
و رجع سيدنا محمد إلى خديجة يرجف فؤاده فقال :زملوني زملون وبعد أن أخبر السيدة خديجة عن ما حصل معه طمأنته و أخذته إلى ابن عمها ورقة بن نوفل و كان ورقة قد تنصر في الجاهلية
و أخبره الرسول ما رأى فقال له ورقة :هذا الناموس الذي نزله الله على موسى ياليني فيها جذع ليتني حي إذ يخرجك قومك فقال الرسول :أَؤوَ مُخرجيَّ هم قال ورقة :نعم لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عُودي و إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا
و رجع الرسول مطمئناً على نفسه واثقا أنَّ ما جاءه خير وهكذا كانت بداية نزول الوحي على الرسول و كانت بداية الإسلام ومن أول الناس الذين ءامنوا به رسولا و بالله ربا و بالإسلام دينا هم من النساء زوجته خديجة و من الأطفال علي بن أبي طالب و كان ابن عشر سنين ذلك الوقت وزيد ابن حارثة