القرآن ينادينا
=================================================
أطمع منك يا أخي أن تقرأ هذه الكلمات، واضعًا مشاعرك بين يدي عقلك، وأن تستشعر أنها موجهة إليك .. وأبدؤها بموقف حدث لي، ففي يوم من الأيام كنت أنظر في كتاب من كتب التراث فاستوقفني أثر جاء فيه: أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لا تقوم الساعة حتى يرجع القرآن من حيث نزل، له دوىٌّ كدوى النحل، فيقول الرب: مالك؟ فيقول: يا رب أُتلى ولا يُعمل بي، ثلاث مرات (1).
امتلكتني حينئذ مشاعر الخوف، وامتلكني شعور بأن القرآن ينادي علىَّ ويقول:
«هل أستحق منك هذه المعاملة مع أن هدفي إسعادك،
وإدخال السرور والبهجة على قلبك ومساعدتك على مواجهة الحياة بحلوها ومرها؟!
أأكون في بيتك وتهجرني كل هذا الهجر؟!
أحين أكون بين يديك لا يصير نصيبي منك إلا حنجرتك؟!
أتسمع آياتي تتلى ولا تنصت لها؟!
أتدري ماذا سأقول لربك يوم القيامة؟!
هيا بادر قبل فوات الأوان، واجعلني حجة لك لا عليك».
ثم استشعرت بعد ذلك وكأن القرآن يوجه رسالة إلى الأمة كلها .. إلى المسلمين في كل مكان يقول فيها:
أيها المسلمون في كل مكان: سارعوا بالعودة إلىَّ والانتفاع بي قبل أن تضيع منكم الفرصة، ويشتد بكم الندم.
أقبلوا علىَّ إقبالاً صادقًا حتى تتعرضوا لمعجزتي، ويدخل نوري إلى قلوبكم.
اتركوا أنفسكم لي، وسيروا معي حيث سرت، فسأكون لكم - بإذن الله - نعم القائد الذي يقودكم إلى العيش السعيد في الدنيا، والنعيم المقيم في الآخرة.
انشغلوا بي، وأكثروا تلاوتي، وتدبروا آياتي، واعملوا بما أدلكم عليه قدر استطاعتكم.
اصحبوني في حلكم وترحالكم بالتلاوة والتدبر والتأثر، ولكم علىَّ عهد بألا أخذلكم، وألا أترككم تواجهون الصعاب بمفردكم، بل سأكون معكم نعم الصديق لصديقه، وسأصحبكم في قبوركم لتستأنسوا بي في وحدتكم حين يتخلى عنكم الجميع، وستجدونني أمامكم يوم القيامة أحاج عنكم حتى أرفعكم في الجنة درجات ودرجات.
هل تريدون أن تكونوا ربانيين؟! ها أنا ذا وسيلتكم إلى ذلك .. فأنا حبل الله المتين، من استمسك بي ارتفع إلى السماء وتخلص من جاذبية الطين واقترب من مولاه.