قال ابن عقيل رحمه الله : ( أنا ما أقيس إيماني عند الازدحام عند أبواب المساجد ولا في الحج (( لبيك اللهم لبيك )) انظر إيماني وأقيسه أين يفزع قلبي عند حدوث النكبات والشدائد ) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى فيما نقله عنه ابن القيم رحمه الله تعالى في المدارج قال: ( كمال التوحيد هو أن لا يبقى في القلب شيء لغير الله أصلا ).
ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه: (( الجواب الكافي )) قال هاهنا أربعة أنواع في الحب ، يجب التفريق بينها وإنما ضل من ضل بعدم التمييز بينها .
الأول: محبة الله ، وهذه لا تكفي وحدها في النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه ، فإن المشركين يحبون الله وكذلك اليهود والنصارى عُباد الصليب يحبون الله فهذه المحبة غير كافية في النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه ، فلا بد أن يضيف إلى ذلك أموراً أخرى .
النوع الثاني: محبة ما يحبه الله وهذه هي التي تدخله في الإسلام وتخرجه من الكفر حينئذٍ إذا حب ما يحبه الله ، فإن أعظم شيء يحبه الله ما هو ؟!
هو التوحيد وهو إفراده وتعظيمه والتأله له ، وأعظم شيء يبغضه الشرك . وكلٌ يقول أنا أحب الله وأحب الرسول صلى الله عليه وسلم ، أنا أحب الله ، وأحب أولياء الله وهومقيم على شركه وضلاله .
أتحب أعـداء الحبيب وتـدَّعـي
حـباً لـه مـا ذاك فـي إمـكانِ
وكـذا تعادي جاهـداً أحـبابـه
أيـن المحـبة يـا أخـا الشـيطانِ
حقيقة المحبة أن تحب ما يحب الله ، وأن تبغض ما يبغضه الله
النوع الثالث: الحَب لله وفيه ، وهي من لوازم محبة ما يحبه الله جل وعلا بحيث تحب زيداً لله وفي الله ، لا تحبه من أجل أطماع دنيويه ، لا تحبه إلا لله (( أن يحب المرء لا يحب إلا لله )) ، فإن أحب الرجل لمصلحة دنيوية أو لجماله أو لغير ذلك عُذب بقدر ذلك ولا بُدَ ، وكلٌ بحسبه على قدر ما تصرف شيء من الحب لغير الله يكون عذابك بهذا ولابد .
فما في الأرض أشقـى مـن محبٍ وإن وجـد الهـوى حلـو المـذاقِ
نحن نحب أولياء الله من أجل حبهم لله ، ونبغض أعداء الله من أجل عداوتهم لله أو لشرعه أو لأوليائه ، وكلٌ بحسبه ، ولهذا أوثق عُرى الإيمان الحب في الله والبغض .و من كان الناس عنده سواء فلا لعلته دواء ، الذي لا يفرق بين أولياء الله وبين أعداء الله فهذا لا يعرف الإيمان ولا يعرف التوحيد ، وهذا كالذي يريد أن يجمع بين الماء والنار ، والضب والحوت في مكان واحد .
وفي سنن أبي داود من طريق يحيى بن حارث الذماري عن القاسم بن أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ) من أحب في الله وأبغض في الله ، وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ) وفي البخاري وغيره يقول صلى الله عليه وسلم : (أنا فرط بين هؤلاء وهؤلاء ) .
النوع الرابع: المحبة مع الله ، وهي المحبة الشركية وهي تسوية المخلوق بالله في هذه المحبة .
قال ابن القيم : وبقي قسم خامس: ليست مما نحن فيه وهي المحبة الطبيعية وهي ميل الإنسان إلى ما يلائمه أو ما يلائم طبعة كمحبة العطشان للماء ، والجائع للطعام ونحو ذلك.
بالتفريق بين هذه الأنواع يفقه العبد التوحيد ، ويعرف كيف يُوحِّد ربه كيف يبتعد عن ما يغضب الله ويغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
القلب السليم هذا هو قلب الموحد وهو القلب أيضاً الذي لا غل فيه ، ولا غش ولا حسد ولا بغي ولا عدوان ولا رياء . ولكن الذي يدخل به في الإسلام هو التوحيد والبراءة من الشرك وما دون ذلك مراتب .
منتقاة من شرح الشيخ سليمان العلوان على تجريد التوحيد المفيد