إن مجتمع الصحابة لما نزل قوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ {النور: 31}. فهموا منها ستر الوجه. فقد أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ. شققن مروطهن فاختمرن بها. قال ابن حجر في الفتح: اختمرن أي غطين وجوههن
وأخرج البخاري أيضا عن عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك لما رآها صفوان بن المعطل رضي الله عنه قالت: فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، وكان يعرف وجهها قبل نزول الحجاب.
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين " رواه البخاري وغيره .
قال الإمام أبوبكر بن العربي : وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج ، فإنها ترخي شيئا من خمارها على وجهها غير لاصق به وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها ، انتهى من عارضة الأحوذي .
ويشهد لهذا أن الصحابيات كن يحرصن على ستر الوجوه في الحج، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا جاوزوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها، فإذا جاوزونا كشفناه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وإذا كان هذا هو فهم وهدي نساء السلف فهن أحق بالاقتداء والاتباع ممن بعدهن من نساء الأمة. وقد ذكر الشوكاني في نيل الأوطار عن ابن رسلان أنه نقل اتفاق المسلمين منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لا سيما عند كثرة الفساق.
وقال ابن حجر في الفتح: ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب.
قال تعالى ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) [الأحزاب:59] .
وقد قرر أكثر المفسرين أن معنى الآية : الأمر بتغطية الوجه ، فإن الجلباب هو ما يوضع على الرأس ، فإذا اُدنِي ستر الوجه ، وقيل : الجلباب ما يستر جميع البدن ، وهو ما صححه الإمام القرطبي ، وأما قوله تعالى في سورة النور ( إلا ما ظهر منها ) ، فأظهر الأقوال في تفسيره : أن المراد ظاهر الثياب كما هو قول ابن مسعود رضي الله عنه ، أو ما ظهر منها بلا قصد كأن ينكشف شيء من جسدها بفعل ريح أو نحو ذلك .
والزينة في لغة العرب ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها كالحلي والثياب ، فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة كالوجه والكفين خلاف الظاهر .
آية الحجاب وهي قوله تعالى ( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ) [الأحزاب:53] .
وهذه الطهارة ليست خاصة بأمهات المؤمنين ، بل يحتاج إليها عامة نساء المؤمنين ، بل سائر النساء أولى بالحكم من أمهات المؤمنين الطاهرات المبرءات.
قوله تعالى: ( والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن)[النور:60] ، فدل الترخيص للقواعد من النساء وهن الكبيرات اللاتي لا يشتهين بوضع ثيابهن ، والمقصود به ترك الحجاب ، بدليل قوله بعد ذلك: ( غير متبرجات بزينة ) أي غير متجملات ، فيما رخص لهن بوضع الثياب عنه وهو الوجه ، لأنه موضع الزينة ، دلّ هذا الترخيص للنساء الكبيرات أن غيرهن ، وهن الشواب من النساء مأمورات بالحجاب وستر الوجه ، منهيات عن وضع الثياب ، ثم ختمت الآية بندب النساء العجائز بالاستعفاف ، وهو كمال التستر طلباً للعفاف ( وأن يستعففن خير لهن).
روى الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ". وهذا دليل على أن جميع بدن المرأة عورة بالنسبة للنظر .
قال ابن القيم رحمه الله: ( العورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النظر، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك ) - إعلام الموقعين 2/80-
♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥
لا لن أمزق ياغريـــــب نقابــــــــي *♥ *فية أمرت بـسنة وكتــــــاب
بل انني سأصـــــــونه وأحــــــوطه *♥ * بعنايتي سيكون من آدابي
سأواجه الفســـــاق إن حاولــــــوا *♥ * ايذاء ديني بسنتي وكتابي
أتريـــــد منــــي يا غريـــــــب تبذلا *♥ * وتهتكا لأكون طعم كلاب؟؟
أتريد منـــــي أن أمزق عفتـــــــي *♥ * وأثور كي تستمتعوا بشبابي
أنا لست في شؤم ولست أعيش *♥ * في ليل كزعم المارق الكذاب
إنــي بقرآنـــي اتيــه على المدى *♥ * كم فيه لي من لفتة وخطاب
منه تعاليـمـــي وفيه هدايتــــــي *♥ * وكرامتي في النـور والاحزاب