ليكن حظ أخيك منك ثلاثا
إذا لم تنفع أخاك المؤمن فلا تضرّه
وإذا لم تسرّه فلا تغمّه
وإذا لم تمدحة فلا تذمّه
إدخال السرور على المسلمين .. فن النفوس الطاهرة
إنها سعادة غامرة تلك التي يستشعرها المرء عندما يسعد الآخرين أو يشارك في إسعادهم أو تخفيف آلامهم ..سعادة لا تحس بها إلا النفوس الطاهرة النقية التي رجاؤها دوما وجه ربها وسعيها دوما هو في طرقات الخير المضيئة .
إن الحياة كد وتعب ومشقة وصعاب ومشكلات واختبارات وآلام وما يصفو منها ما يلبث أن يتكدر وليس فيها من أوقات صفاء رائق إلا أوقات العبادة المخلصة لرب العالمين سبحانه .
والناس ..كل الناس بحاجة إلى يد حانية تربت على أكتافهم في أوقات المصائب وتقوم انكسارهم في أوقات الآلام وتبلل ريقهم بماء رقراق عند جفاف الحلوق
وانظر إلى ذلك الموقف الرائع يوم استضاف أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ضيفا وأراد أن يكرمه ويدخل السرور عليه وكان طعامه قليلا فأطفأ المصباح وتصنع أنه يأكل حتى انتهى ضيفه من طعامه وشبع وإذا بالقرآن ينزل ليسجل حادثة هي قليلة في أعين الناس كبيرة في ميزان المروءات والمبادىء والمعاني لذا رفع الله درجتها فقال ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة إنهم فضلوا شبع بطن ضيفهم على شبع بطونهم وقدموا سرور صاحبهم المسلم على سرور ذواتهم وإن كانت ذواتهم قد نعمت بنوع آخر من السرور هو أعلى وأكبر
وتذكر معي ذالك الصحابي الآخر الذي اسرع بكل قوته ليبشر الثلاثة الذين خلفوا بعفو الله عنهم وصدره يمتلىء حبا وفرحا وسعادة وسرورا حتى إنه لم ينتظر حتى يصل إليهم بل بدأ يناديهم من بعيد من على جبل سلع بأعلى صوته
وبينا أنت تتأمل تلك المواقف طالع هذا الحديث الثابت من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول عن أبي هريرة رضي الله عنه : (إن من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على قلب المؤمن, وأن يفرِّج عنه غمًا أو يقضي عنه دينًا, أو يطعمه من جوع) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان, وحسنه الألباني في الصحيحة 1494
وفي رواية للطبراني إن أحب الاعمال إلى الله تعالى بعد الفرائض إدخال السرور على المسلم كسوت عورته أو أشبعت جوعته أو قضيت حاجته
وللطبراني أيضا عن عائشة رضي الله عنها من أدخل على أهل بيت من المسلمين سرورا لم يرض الله ثوابا دون الجنة
وله عن أنس رضي الله عنه قال مَن لَقيَ أخاهُ المُسلِمَ بِما يُحِبّ لِيَسُرَّهُ بِذلك ، سَرّهُ اللّهُ عزّ وجَلّ يومَ القِيامةِ
وفي الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه
إنها عبادة إذن أيها القارىء الكريم ما إن يستصحب العبد فيها نية صالحة إنها من أحب الأعمال إلى الله تعالى
و سُئِلَ الإمام مالك : أي الأعمال تحب فقال: إدخال السرور على المسلمين وأنا نَذَرتُ نفسي أُفرِج كُرُبات المسلمين
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة له فجعل يصرف بصره يمينًا وشمالاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان معه فضلُ ظهر فليعُد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له) فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحدٍ منا في فضل رواه مسلم
وكان في السلف من يتفقد عيال أخيه وأولاده بعد موته أربعين سنة يقوم بحاجاتهم يتردد كل يوم إليهم ويمونهم من ماله فكانوا لا يفقدون من أبيهم إلا عينه بل كانوا يرون منهم ما لم يروا من أبيهم في حياته
ليكن حظ أخيك منك ثلاثا
إذا لم تنفع أخاك المؤمن فلا تضرّه
وإذا لم تسرّه فلا تغمّه
وإذا لم تمدحة فلا تذمّه