فضل الأضحية والحكمة من تشريعها : ـ
الحمد لله الذى لم يحرم أحد من عباده من الثواب والأجر العظيم سواء
أكان غنيا أم فقيرا ، مستطيع أم غير مستطيع ، فى هذه الأيام المباركة ،
فلله سبحانه فى أيام دهره نفحات ، أيام جعلها الله تعالى مواسم للخيرات ،
فيها يتنافس المتنافسون فيه يتسابق المتسابقون ، فطوبى لعبد اغترف من هذا
الخير ، فلم تمر عليه هذه الأيام المباركة ، إلا وقد غفر له ما تقدم من
ذنبه .
اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد فياأيها الإخوة الكرام :ـ
من رحمة الله عزوجل أن جعل فى كل عام موسما لمغفرة الذنوب ، فشرع سبحانه
فريضة الحج ، إذا أداها العبد كما أمره الله تعالى ، رجع من حجه كيوم ولدته
أمه ، ولما كانت هذه الفريضة ، تحتاج إلى بذل الأموال ، تحتاج أيضا القوة
البدنية ، جعلها الله عز وجل حسب إستطاعة العبد ، وفى نفس الوقت ، إذا كان
غير مستطيعا ، شرع له شعيرة أخر أخف ، وحكمها أيضا بالإستطاعة ، كما قال
الله تعالى : " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " ، هذه الشعيرة هى الأضحية
تعريف الأضحية : ــ
هى ما يذبح أو ينحر فى ضحى يوم عيد الأضحى تقربا إلى الله عزوجل وشكرا له على ما رزقه من بهيمة الأنعام .
حكم الأضحية ، وفضلها : - هى سنة واجبة على كل أهل بيت مسلم ، توفرت عندهم
شروط الإستطاعة ، وفضلها عظيم ، وثوابها جزيل ، ويكفينا قول النبى صلى
الله عليه وسلم : " ماعمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من إراقة
الدم ، وأنها لتأتى يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها ، وأن الدم ليقع
من من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا "رواه (
ابن ماجه ، والترمزى وحسنه ) ، وقد سئل النبى صلى الله عليه وسلمعن سبب
الأضاحى ، فقال : " سنة أبيكم ابراهيم " قالوا : ما لنا فيها ؟ قال : " بكل
شعرة حسنة " قالوا : فللصوف ؟ قال : " بكل شعرة من الصوف حسنة " ،أيضا
يغفر لأهل البيت عند أول قطرة من الدماء .
الحكمة من الأضحية : ـ هو
التقرب إلى الله عز وجل وشكره على مارزقهم من الأنعام ، وامتثالا لأمره
سبحانه كما قال : " فصل لربك وانحر" ، وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه
وسلم: " قل إنً صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين * لا شريك له
وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " (الأنعام : 162 ، 163) قال تعالى أيضا : "
كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون * لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن
ينالها التقوى منكم ، كذلك سخرها لتكبروا الله على ما هداكم ، وبشر
المحسنين " ( الحج 36، 37 ) ... أيضا هى سنة أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم
عليه السلام ، إذ أوحى الله عز وجل إليه أن يذبح ولده إسماعيل عليه السلام
، ثم عندما امتثل سيدنا إبراهيم لأمر ربه وامتثل أيضا إسماعيل للذبح كما
قال تعالى " فلما أسلم وتله للجبين * وناديناه أن يا ابراهيم *قد صدًقت
الرؤيا * إنا كذلك نجزى المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين * وفديناه
بذبح عظيم "( الصافات : 107 ) . من حكمة الأضحية أيضا : - هو التوسعة على
العيال ، والتوسعة على الفقراء والمساكين يوم العيد ، والتقرب إلى الأقارب
والجيران والأصدقاء حتى ولو كانو أغنياء ، كما قال تعالى : - " فكلو منها
وأطعموا القانع والمعتر " ( الحج : 36 ) .
من تعظيم شعائر الله عز وجل
: أنه من أراد أن يضحى أنه إذا رأى هلال ذو الحجة ، فلا يأخذ من أشعاره
وأظفاره ، مشاركة للحجاج فى نسكهم ، وقد قال الله تعالى : " والبدن جعلناها
لكم من شعائر الله "
ما يجب فى الأضحية : -
أولا السن : ــ فى
(الضأن أن لا تقل عن الجذع ، وهو ما أوفى سنة أو قاربها بقليل لقول النبى
صلى الله عليه وسلم " لا تذبحوا إلا مسنة ، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة
من الضأن "( مسلم ) ، المسنة : التى بلغت السنتين ) ـ ( الماعز : ما أوفى
سنة ودخل فى الثانية ) ــ ( الإبل : ما أوفى أربع سنوات ودخل فى الخامسة )
ــ ( البقر : ما أوفى سنتين ودخل فى الثالثة ).
ثانيا السلامة : ــ
السلامة من كل عيب خلقى أو غير خلقى أثناء الشراء لرخص ثمنها كالعمياء
والعرجاء والجرباء ومكسورة القرن ، والضعيفة الهزيلة الت لا مخ فىعظامها ،
وأفضل الأضحية : الكبش الأقرن الأبيض يخالطه سواد حول عينيه وفى قوائمه .
ثالثا كيفية الذبح :- قبل عملية الذبح يعرض على الذبيحة الطعام والشراب ،
ثم تضجع على جانبه الأيسر فى مكان مريح متجها إلى القبلة ، وليحد شفرته
وليرح ذبيحته ، ويحرص كل الحرص أن لايُرى الذبيحة السكين ، ولا يقوم بالذبح
أمام شاة أخرى أو مثيلتها ، ثم يقول : " إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله
رب العالمين " ثم يضع السكين ويقول : بسم الله والله أكبر ، ثم يقوم بقطع
الحلقوم ( مجرى النفس ) ، والمرئ وهو البلعوم ( مجرى الطعام والشراب )
ماسكا الجوزة بيده ، فإما ان يكون الذبح فوقها أو أسفلها ، كما لا يجوز بيع
أى شيئ منها كالجلد والصوف ، ولكن يجوز أن ينتفع بهما أو يتصدق بهما ،
أيضا لا يجوز إعطاء أجرة الجزار بشيئ منها إلا أن يتصدق عليه غير أجرته .
رابعا كيفية القسمة : لم يكن هناك قولا من الكتاب والسنة عن كيفية القسمة ،
إلا الإطعام أو الصدقه والإدخار كما قال صلى الله عليه وسلم : " كلوا
وتصدقوا وادخروا " ، أما قول ثلث له وثلث للفقراء وثلث للهدايا ، فهو من
قول العلماء ، فإذا كان المضحى صاحب أولاد ويحتاج ، فله ان لا يخرج منها
شيئ ، وقد تحققت السنة بإراقة الدم ، كما يجوز للمستطيع أن يخرجها كلها
فالأمر فيه سعة .
جعلنا الله وإياكم من الذين يعظمون شعائر الله عزوجل ،
محيين سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وكل عام وأنتم وجميع الأمة الإسلامية
بخير ،