الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ...،
فإني أحمد الله إليكم أن بلغنا رمضان لهذا العام، ولا يخفى على كل مسلم ما لرمضان مكانة في القلوب، كيف لا وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، شهر كله هبات وعطايا ومنن من الحق سبحانه وتعالى، وسنتطرق إلى الخصائص التي اختص بها هذا الشهر عن سواه من الشهور.
وإليك أخي الكريم خصائص شهر رمضان المبارك
1- أن الله تبارك وتعالى أنزل فيه القرآن، قال تعالى:" شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ"، وهو دستور هذه الأمة، وهو الكتاب المبين، والصراط المستقيم، فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد، وهو الهدى لمن تمسك به واعتصم، وهو النور المبين، نور لمن عمل به، لمن أحل حلاله، وحرم حرامه، وهو الفاصل بين الحق والباطل، وهو الجد ليس بالهزل، فعلينا جميعاً معشر المسلمين العناية بكتاب الله تعالى قراءةً، وحفظاً، وتفسيراً، وتدبراً، وعملاً وتطبيقاً.
2- تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد مردة الشياطين وعصاتهم، فلا يصلون ولا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه من قبل، قال النبي:" إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين "، وفي رواية: " إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ".
3- تضاعف فيه الحسنات.
4- أن من فطر فيه صائماً فله مثل أجر الصائم من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئاً، قال النبي: " من فطر صائماً فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء "
5- أن فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وهي الليلة المباركة التي يكتب الله تعالى فيها ما سيكون خلال السنة، فمن حرم أجرها فقد حرم خيراً كثير، قال النبي :" فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم ". ومن قامها إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، قالص :" من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه "، وقالص :"من قامها ابتغاءها، ثم وقعت له، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ". فيا له من عمل قليل وأجره كثير وعظيم عند من بيده خزائن السماوات والأرض، فلله الحمد والمنة.
6- كثرة نزول الملائكة، قال تعالى: "تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا "
7- فيه أكلة السحور التي هي ميزة صيامنا عن صيام الأمم السابقة، وفيها خير عظيم كما أخبر بذلك المصطفى حيث قال: " فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر " (مسلم)، وقال عليه الصلاة والسلام:" تسحروا فإن في السحور بركة "
8- وقعت فيه غزوة بدر الكبرى، وهي الغزوة التي تنزلت فيها الملائكة للقتال مع المؤمنين، فكان النصر المبين، حليف المؤمنين، واندحر بذلك المشركين، فلا إله إلا الله ذو القوة المتين.
9- كان فيه فتح مكة شرفها الله تعالى، وهو الفتح الذي منه انبثق نور الإسلام شرقاً وغرباً، ونصر الله رسوله حيث دخل الناس في دين الله أفواجا، وقضى رسول الله على الوثنية والشرك الكائن في مكة المكرمة فأصبحت دار إسلام، وتمت بعده الفتوحات الإسلامية في كل مكان.
10- أن العمرة فيه تعدل حجة مع النبيصلى الله عليه.
11- أنه سبب من أسباب تكفير الذنوب والخطايا، قال: النبي " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر "
12- أن فيه صلاة التراويح، حيث يجتمع لها المسلمون رجالاً ونساءً في بيوت الله تعالى لأداء هذه الصلاة، ولا يجتمعون في غير شهر رمضان لأدائها.
13- أن الأعمال فيه تضاعف عن غيره، فلما سئل ص" أي الصدقة أفضل قال:" صدقة في رمضان "
14- أن الناس أجود ما يكونون في رمضان، وهذا واقع ملموس لنجده الآن، ففي الصحيحين عن بن عباس رضي الله عنهما قال: " كان النبي أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان ".
15- أنه ركن من أركان الإسلام، ولا يتم إسلام المرء إلا به، فمن جحد وجوبه فهو كافر، قال ص :" بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام" )متفق عليه).
16- كثرة الخير وأهل الخير، وإقبال الناس على المساجد جماعات وفرادى، مما لا نجده في غير هذا الشهر العظيم المبارك، ويا له من أسف وحسرة وندامة أن نجد الإقبال الشديد على بيوت الله تعالى في رمضان أما في غير رمضان فإلى الله المشتكى. فبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان.