ولاً:الشرك بالله تعالى: وهو الداء العضال والمرض القاتل لا محالة إلا أن يتوب صاحبه، ومن تاب، تاب اللَّه عليه، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ الزمر65
وقال تعالى عن أنبيئه والصفوة من خلقه: ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ الأنعام 88 وقال تعالى:﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾ التوبة 17
إن من سنن اللَّه تعالى التي لا تتغير أن اللَّه لا يقبل من عباده عملا إلا أن يأتوا بالتوحيد الذي هو حق اللَّه على العبيد، فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن عبد اللَّه بن جدعان وكان رجلاً مشركًا مات في الجاهلية يطعم الطعام وينصر المظلوم وله من أعمال البر الكثير، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ما نفعه ذلك، إنه لم يقل يومًا رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين».
ثانيًا:الردة عن دين الإسلام: قال تعالى: ﴿ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ البقرة 217 وقال تعالى: ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ المائدة 5
ثالثا:الرياء ، مثل أن يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الناس إليه. أو يريد بعمله الحياة الدنيا وهو شر أنواع الرياء، قال تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآَخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ هود 15-16
رابعا:انتهاك محارم الله في الخلوة. عن ثوبان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ليأتين أقوام من أمتي يوم القيامة بحسنات كأمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها اللَّه هباءً منثورًا، فقالوا: صفهم لنا يا رسول اللَّه نخشى أن نكون منهم؟ فقال: هم منكم يصلون كما تصلون ويصومون كما تصومون ويأخذون من الليل ما تأخذون، غير أنهم إذا خلوا بمحارم اللَّه انتهكوها». [1]
خامسا:المن بالعمل الصالح. قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ البقرة 264
سادسًا:رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وقد عدّ العلماء رفع الصوت عليه بعد وفاته كرفعه في حياته قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ﴾ الحجرات 2 قال القرطبي: هذا في حال حياته وبعد مماته لأنه محترم حيًا وميتًا صلى الله عليه وآله وسلم فقال تعالى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ الحجرات3 فعبر بغض الصوت مع أن الغض للبصر، وهذا أعلى مراتب الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
سابعًا:التألي على الله. روى مسلم في صحيحه من حديث جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أن رجلا قال والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر لفلان قد غفرت لفلان وأحبطت عملك».
ثامنًا:كراهية شيء مما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإن عمل به:
قال تعالى:﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ محمد9
فكراهية شيء من شرع الله تعالى وهدي نبيه الأمين محبط للعمل،كالذي يعتقد أن الشرع لا يصلح في هذه الأزمنة ويرونه جمودًا ورجعية، أو يقول عن حُكْم حَكَم الله به ورسوله: لو كان على هيئة كذا لكان أفضل.
أسأل اللَّه تعالى أن يحفظنا ويحفظ علينا ديننا، ونسأله التوفيق والرشاد، إنه على كل شيء قدير.
اللهم أعنا على حسن عبادتك، وأعنا على أن نخلص لك ولا نشرك بك شيئا، اللهم إنا نعوذ بك من موجبات الزلل، ومحبطات العمل، ونسألك الثبات على الحق حتى نلقاك يا كريم. وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه.