العبادة في الإسلام هي التقرب إلى الله - عز وجل - بفعل ما أمر به ، واجتناب ما نهى عنه.
وهي شاملة لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
وروح العبادة ، ولبها ، وحقيقتها تحقيق الحب والخضوع لله - تعالى- .
شرطا العبادة:لا تقبل العبادة إلا إذا اجتمع فيها شرطان:
1- الإخلاص لله.
2- المتابعة لرسوله - صلى الله عليه وسلم -
ومعنى ذلك أنه لا بد من العبادة خالصة لله ، وأن تكون موافقة لما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم -.
فلا يعبد إلا الله ، ولا يعبد إلا بما شرع.
فالصلاة على سبيل المثال عبادة لا تصرف إلا لله ، أي لا يصلى إلا لله ، وبهذا يتحقق الإخلاص.
ولا يصلى إلا كما جاء عن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كيفية الصلاة ، وبهذا تتحقق الموافقة
والمتابعة للرسول - صلى الله عليه وسلم.
ولسائل أن يسأل : ما الحكمة من اشتراط هذين الشرطين لصحة العبادة؟
والجواب عن ذلك من عدة وجوه:
1- أن الله أمر بإخلاص العبادة له وحده ؛ فعبادة غيره معه شرك به - تعالى - .
قال تعالى :
{ وادعوه مخلصين له الدين }2- أن الله - تعالى - اختص نفسه بالتشريع ؛ فهو حقه وحده ، ومن تعبد بغير ما شرع الله فقد شارك الله في تشريعه.
3- أن الله أكمل لنا الدين ، فالذي يخترع عبادة من عنده يكون مستدركاً على الدين ، متهماً له بالنقص.
4- أنه لو جاز للناس أن
يتعبدوا بما شاءوا كيفما شاءوا - لأصبح لكل إنسان طريقته الخاصة بالعبادة ،
ولأصبحت حياة الناس جحيماً لا يطاق ؛ إذ يسود التناحر والتنافر ؛ لاختلاف
الأذواق ، والدين إنما يأمر بالاتفاق والائتلاف.
أنواع العبادة
أنواع العبادة كثيرة
كالصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، وبر الوالدين ، وصلة الأرحام ، وصدق
الحديث ، وأداء الأمانة ، والوفاء بالعهود ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن
المنكر ، وإماطة الأذى عن الطريق ، والإحسان إلى الأيتام ، والمساكين وابن
السبيل والحيوان ، وغير ذلك.
ومن أنواع العبادة : الذكر ، والدعاء ، والاستعاذة بالله ، والاستعانة به ، والتوكل عليه ، والتوبة ، والاستغفار .
ومنها : الصبر ، والشكر ، والرضا ، والخوف ، والمحبة ، والرجاء ، والحياء.
فضائل العبادة
العبادة في الإسلام هي
الغاية المحبوبة لله ، والمرضية له ، التي خلق لأجلها الخلق ، وأرسل الرسل ،
وأنزل الكتب ، وهي التي مدح القائمين بها ، وذم المستكبرين عنها.
والعبادة في الإسلام لم تشرع للتضييق على الناس ، ولا لإيقاعهم في الحرج.
وإنما شرعت لحكم عظيمة ، ومصالح كثيرة ، لا يحاط بعدها و حصرها.
فمن فضائل العبادة أنها تزكي النفوس ، وتطهرها ، وتسمو بها إلى أعلى درجات الكمال الإنساني.
ومن فضائلها أن الإنسان
محتاج إليها أعظم الحاجة ، بل هو مضطر لها أشد الضرورة ؛ فالإنسان بطبعه
ضعيف ، فقير إلى الله ، وكما أن جسده بحاجة إلى الطعام والشراب - فكذا قلبه
وروحه بحاجة إلى العبادة والتوجه إلى الله ، بل إن حاجة قلبه وروحه إلى
العبادة أعظم بكثير من حاجة جسده إلى الطعام والشراب ؛ فإن حقيقة العبد
قلبه وروحه ، ولا صلاح لهما إلا بالتوجه إلى الله بالعبادة ؛ فلا تطمئن
النفوس في الدنيا إلا بذكر الله وعبادته ، ولو حصل للعبد لذات أو سرور بغير
الله فلا يدوم ، وقد يكون ذلك الذي يتلذذ به لا لذة فيه ولا سرور أصلاً.
أما السرور بالله والأنس به
- عز وجل - فهو سرور لا ينقطع ولا يزول ؛ فهو الكمال ، والجمال ، والسرور
الحقيقي ؛ فمن أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية لله وحده.
ولهذا فإن أهل العبادة الحقة هم أسعد الناس ، وأشرحهم صدراً.
ولا يوجد ما يسكن إليه العبد ويطمئن به ، ويتنعم بالتوجه إليه حقاً إلا الله.
ومن فضائل العبادة : أنها
تسهل على العبد فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وتسليه عند المصائب ، وتخفف
عليه المكاره ، وتهون الآلام ، فيتلقاها بصدر منشرح ، ونفس مطمئنة.
ومن فضائلها أن العبد يتحرر
بعبوديته لربه من رق المخلوقين ، والتعلق بهم ، وخوفهم ، ورجائهم ؛ وبهذا
يكون عزيز الجانب ، مرفوع الرأس ، عالي القدر.