الحمد لله المتفضل بالإنعام والصلاة والسلام على خير الآنام، وعلى آله وصحبه الكرام أما بعد:
فشكر المنعم واجب على العباد ومن يجحد فضل ربه إلا القوم الضالون
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)} [الانفطار].
فالله المتفضل على عباده من بداية خلقهم وسخر لهم ما في البر والبحر وسهل لهم سبل كسب المعايش فجعل لهم الأرض مهدا وأخرج لهم منها رزقا وهيأ لهم منها ما يتخذونه سكنا، وخلق لهم في أنفسهم ما لهم فيه نظر وفكر،
قال تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)} [الذاريات]، وجعل لهم الحواس التي يدركون بها ما حولهم ويستخدمونها فيما ينفعهم ولا يضرهم
قال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)} [البلد]. والحديث يطول لو أردنا ذكر نعم الله على عباده فهي لا تحصى
قال تعالى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18]،
وهي نعم من الرب الخالق المحي الرازق المنعم، ومقتضى شكر هذه النعم صرف العبادة لله وحده لا شريك له {وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17)} [العنكبوت].
فيجب امتثال أمره واجتناب ما نهى عنه والمحبة والاتباع لرسوله صلى الله عليه فالله بعث نبيه رحمة للعالمين، والحذر الحذر من الشرك بالله، فلا يصح في العقول السليمة أن يتفضل الله وينعم ويعبد غيره أو يستغاث بغيره فيما لا يقدر عليه إلا الله، فلا واسطة بين الله وعباده، واتخاذ الشفعاء ليقربوا إلى الله هي جاهلية قريش التي بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم لطمسها
قال تعالى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3]،
ومقتضى شكر النعم أن تصرف في طاعة الله والعبد مسؤول عن نعم الله
قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)} [الإسراء]،
وقال تعالى: {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)} [التكاثر].
والعبد له موقف يسأل فيه عن كل شيء:
ولو أنا اذا متنا تركنا… لكان الموت راحة كل حي
ولكنا اذا متنا بعثنا… ونسأل بعده عن كل شيء
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : "ويسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه"، فالأموال نعمة وشكر هذه النعمة بإرجاع الفضل إلى الله فهو المنعم بها والموفق لمن سعى في اكتسابها، وقد سخط الله على قارون عندما جحد هذه النعمة
وقال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 78]،
فقارون أنكر على الناصح الذي أرشده إلى شكر النعمة
بقوله: {وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)} [القصص].
وفي بعض الأزمنة تكثر الأموال في أيدي بعض الناس ويحصل منهم تخبط في تصريفها فينفقونها في ما يسخط الله ويخالف شرعه، وهؤلاء يقال لهم اتقوا الله واشكروه فهو الذي منحكم إياها ليبتليكم، ومن شكر نعم الله ألا يبصر ما يغضب الله
ويمتثل قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 31-30]
وخاصة في هذا الزمن الذي جدت فيه أمور لم تكن معروفة لأسلافنا فخرجت القنوات الفضائية بعفنها الفني وتنافست في نشر الخلاعة بلا حياء أو مراعاة للآداب الإسلامية فمن شكر نعمة البصر أن يمتنع العبد عن رؤية ما يخالف الشرع، ومن شكر نعمة اللسان أن يكثر من ذكر الله ويجتنب الغيبة والنميمة ويطيب الكلام لعباد الله، وشكر نعمة السمع أن يستمع إلى كتاب الله وما ينفعه ويحذر من الاستماع إلى الغناء الفاحش وآلات المعازف، فالشكر الحقيقي هو اقتران القول بالعمل لينعم العبد برضا ربه، والفوز بجنته التي هي دار رحمته وأعدها لمن قاموا بشكره ولا ينال الجنة إلا من أنعم الله عليه بالهداية وهي أعظم نعمة
قال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: 125]، وهي منة من الله على من يشاء من عباده قال تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات].
فمن هدي إلى الإيمان وعمل بأركان الإسلام فهو الموفق وليسأل ربه الثبات وحسن الختام اللهم آتنا من فضلك وارزقنا شكر نعمتك على الوجه الذي يرضيك عنا
أضف الى مفضلتك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التصنيفات : الاسلامي, مقالات | السمات:مقالات فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن ندى العتيبي - حفظه الله -
أرسل الإدراج | دوّن الإدراج 12 تعليق
12 تعليق على “الشكر لله على نعمه”
مجهول قال:
نوفمبر 6th, 2010 at 6 نوفمبر 2010 5:48 م
انتو مش كاتبين عن الاذن وانا ازعلت كتير
مجهول قال:
نوفمبر 22nd, 2010 at 22 نوفمبر 2010 7:18 م
شكرررررررررررررررررررررررررررا عل موضوع لاني جبت علامه كامله بل تعبير
مجهول قال:
نوفمبر 22nd, 2010 at 22 نوفمبر 2010 7:20 م
انا مشكووووووووووووووووره وايد لاني حبيت الموضوع
مجهول قال:
نوفمبر 22nd, 2010 at 22 نوفمبر 2010 7:25 م
ليش قمتوا تعليقاتي انا زعلت كتيرررررررررررررررررررررررر
مجهول قال:
مارس 28th, 2011 at 28 مارس 2011 10:04 م
امول والكل فيها مجنون
اتشكركم كثثييييييييييير على هالموضوع المشوق جدا
والصراحه هالموضوع ذووووووووووووووووووق
لانكم اصحاب الذوووووووووووق
اتمنى انكم قد اعجبتوا بتعليقي لكم
مجهول قال:
أبريل 20th, 2011 at 20 أبريل 2011 10:53 م
merci beaucoup sur ces informations
أبو مسلم الراهب قال:
أبريل 30th, 2011 at 30 أبريل 2011 4:26 م
جزاك الله خيرا، وأرشح لك هذا المقال لما فيه من فائدة..
وفاء النعمة وشكرها
أبو مسلم الراهب قال:
أبريل 30th, 2011 at 30 أبريل 2011 4:27 م
وفاء النعمة وشكرها
مجهول قال:
فبراير 25th, 2012 at 25 فبراير 2012 2:04 م
مشكوووووره واللـــــه يعطيك العــافية
مجهول قال:
مارس 3rd, 2012 at 3 مارس 2012 5:52 م
شكرااااااااااااااااا
مجهول قال:
مارس 4th, 2012 at 4 مارس 2012 8:15 م
هدا موضوع مفيد
مجهول قال:
مارس 12th, 2012 at 12 مارس 2012 4:28 م
الموضوع مررررررررررررررررررررررررررررهحلو وانا نجحت بسبته وامنى للي اكتبه النجاح في الدنيا والاخره
اكتب تعليــقك
يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من التعليق
الإسم الذي سيظهر على التعليق
مشتركي مكتوب
سجل دخولك
مستخدم جديد..سجّل الان!
تذكر كلمة السر
اسم آخر
الاسم
بريدك الإلكتروني
صفحتي الانترنت (اختياري)
مجهول
« خطبة عيد الفطر عام 1430هـالأعياد هوية الأمم فحافظوا على الإسلام »
اضـــــــاءة
إن لم تطف بالبيت لأنه عنك بعيد
فلتقصد رب البيت أقرب إليك من حبل الوريد
وإن لم تسعى بين الصفا والمروة
فلتسعى في الخير أينما تجده
وإن لم تقف بعرفة
فلتقم لله بحقه الذي عرفه
وإن لم ترجم إبليس بالجمرات
فلترجمه بفعل الخيرات وترك المنكرات
وإن لم تذبح هديك بمنى
فلتذبح هواك هنا فتبلغ المنى
--------------------------------------------------------------------------------
"لا يتحمّل مكتوب أيّة مسؤوليّة عن المواد الّتي يتم عرضها و/أو نشرها في مدوّنة مكتوب. ويتحمل المستخدمون بالتالي كامل المسؤولية عن كتاباتهم وإدراجاتهم التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكيّة أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر."
Yahoo! مكتوب . فيديو وكليبات . عالم المرأة . أبراج . فن ومشاهير OMG! . ألعاب . الرياضة . الأخبار . واحة الأمان . نيولوك – مكياج . حصاد 2011