بسم الله الرحمن الرحيم
في غمرة الحياة .. فرصة عظيمة لزيادة الإيمان وتجديد اليقين ، يغفل عنها
كثير من الناس بسبب انشغالهم بازدحام الحياة وتتابع الأحداث ، إنها .. (
زيارة قسم الإسعاف في أحد المستشفيات ) .
زيارة واحدة لقسم الإسعاف قد تغرس في قلبك من الإيمان ما لا تغرسه مئات
الكلمات ، وتغير فيك ما لا تغيره عشرات العبارات
في (قسم الإسعاف) تدرك حقيقة معنى كلمة (العافية) ، وتوقن بأن من دعا لك
بالعافية فقد أجزل .
في الصباح الباكر .. دقائق معدودات ، قضيتها بقسم الإسعاف في إحدى
المستشفيات الشهيرة بأم درمان ، في انتظار إتمام إجراءات مقابلة طبية ،
رأيت فيها عجباً !
- طالبة من طالبات المرحلة الثانوية ، خرجت من بيتها مرتدية زي المدرسة ،
لم يخطر ببالها أنها لن تصل إليها ، بل ستدخل إلى قسم الإسعاف محمولة على
الأكتاف!!
- بعد دقائق : طفل صغير يناهز الرابعة أو الخامسة من عمره ، تبدو براءة
الأطفال ظاهرة على محياه ، قد علقت عليه والدته آمالها ، وبذلت في سبيل
إسعاده جهدها ومالها ، يدخل إلى قسم الإسعاف ، محترق الوجه ، مسلوخ الجلد ،
يبدو من حالته أنها بسبب انصباب زيت مغلي على وجهه ، في منظر تعجز الأقلام
عن وصفه .
أكملت إجراءاتي .. وعند خروجي من باب الإسعاف إذا برجل يسوقه عدد من
الأشخاص على كرسي متحرك ، قد غطى الدم وجهه وثيابه ، وهو خافض رأسه عاض على
لسانه .
مواقف كثيرة .. يعتصر لها القلب ، وتدمع لها العين ، لا تملك وأنت تشاهدها
إلا أن تحمد الله على نعمة العافية ، وترفع أكف الضراعة إلى الله أن يديم
عليك نعمه ، ويسبغ عليك ثوب عافيته ، وأن يعافي من ابتلاه من المسلمين .
عند إجراء مقارنة متأنية ، بين ما ارتكبته من آثام خلال الأسبوع الماضي ،
وبين نعم الله تعالى عليك في نفس الأسبوع ، تدرك حقاً أن الله (حليم) ، وأن
ما أولاك من نعمه محض إفضال منه لأنه (الكريم) .
إذا أحاطت بك الهموم والغموم ، وتكدرت حياتك بضائقة مالية ، أو أغرقتك
الديون ، أو فصلت من عملك ، أو مات قريب لك ، أو فقدت أعز أصدقائك ، أو
خسرت جميع أموالك في معاملة مالية واحدة ، أو فشلت في تحقيق أهم هدف في
حياتك ، تذكر دائماً أنك أسعد إنسان بتتابع النعم عليك ، فأنت تبصر ، وتسمع
، وتتنفس ، وتتكلم ، وتمشي ، وما أصابك لا يساوي شيئاً مقابل نعمة واحدة من
هذه النعم ، قارن خسارتك المالية بفقدان البصر مثلاً ، تجد أنك في نعيم لا
يوصف .
وقديماً قالوا : إذا أصابك الغم لأن حذاءك قد انقطع ، فتذكر أن هناك من
قطعت قدماه .
اقتطع لحظات من عمرك في زيارة دورية لقسم الإسعاف ، وانتظر النتيجة