عقب بعض الغزوات عرض على النبي صلى الله عليه وسلم الأسرى فوقفت من بينهم امرأة أسيرة اسمها سفّانة، وقالت بأدب جم: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد فامنن علي منّ الله عليك، وخلِّ عني ولا تشمت بي أحياء العرب، فإن أبي كان سيد قومه، يفك العاني، ويعفو عن الجاني، ويحفظ الجار، ويحمي الذمار، ويفرج عن المكروب، ويطعم الطعام، ويفشي السلام، ويحمل الكَلَّ، ويعين على نوائب الدهر، وما أتاه أحد في حاجة فرده خائباً، أنا بنت حاتم طيِّئ.
فقال عليه الصلاة والسلام: (( يا جارية هذه صفات المؤمنين حقاً، ثم قال: خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق )).وقال عليه الصلاة والسلام: (( ارحموا عزيز قوم ذلّ، وغنياً افتقر، وعالماً ضاع بين الجهَّال )).عندها استأذنته أن تدعو له، فقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: (( اسمعوا وعوا )). قالت: أصاب الله ببرك مواقعه، ولا جعل لك إلى لئيم حاجة، ولا سلب نعمة عن كريم قوم إلا جعلك سبباً في ردها، ورجعت إلى أهلها، وقالت لأخيها عدي بن حاتم: يا عدي ائت هذا الرجل فإني قد رأيت هدياً، وسمتاً، ورأياً، يغلب أهل الغلبة، ورأيت فيه خصالاً تعجبني، رأيته يحب الفقير، ويفك الأسير، ويرحم الصغير، ويعرف قدر الكبير، وما رأيت أجود ولا أكرم منه، فإن يكن نبياً فللسابق فضله، وإن يكن ملكاً فلا تزال في عزّ ملكه، قيل: وأسلمت.