خواطر في ذكرى مولد الخير والنور

يا
من علمتنا كيف نعتز بالإسلام يا من جئتنا بالدين القيم الذي يضمن صلاح
البلاد والعباد يا من حملت إلينا المباديء السامية والأخلاق
العالية والنظم العادلة صلاة وسلاما عليك يا سيدي يا رسول الله يا من
علمتنا أن الشرف في الدعوة لهذا الدين وأن الفخر بالانتساب إليك وقال ربك
في حقك { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ
لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } ( سورة الزخرف الآية 44 )
الصلاة والسلام عليك سيدي يا رسول الله يا من ربيت الفرسان العظام الذين
قدموا للبشرية الشرف العظيم من خلال جهادهم وفتوحاتهم وأخلاقهم التي ضربوا
بها أروع الأمثلة في
التضحية والفداء .
أيها الأخوة :
إنها ذكرى عطرة ومناسبة غالية تمر الأيام وتتعاقب الشهور والأعوام وتعود
الذكرى إوة الإسلام ونلتقي لنذكر أحبابنا بأن العز في الانتساب لهذا الدين
وأن الخير في اتباع
هذا النبي وأن العظمة في أن نعيش في كنف محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ وأن
الهدى في الإيمان الذي يربي القلوب على التعلق بالله والنزول في حماه
والالتجاء إليه والاعتصام
به قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ
وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ
اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ
الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } من هنا نحتفل
وننتقل من مكان إلى مكان ومن موضوع هنا إلى موضوع هناك نفصل ونوضح كيف كانت
حياة نبي جاء بشريعة
كاملة هي في مجملها ظل ظليل من استظل به أمن من الحرور هي حصن حصين من دخله
نجا من الشرور { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }
شريعة مؤتلفة النظام
متعادلة الأقسام مبرأة من كل نقص مطهرة من كل دنس متممة لا شية فيها مؤسسة
على العدل والرحمة والمصلحة والحكمة لا أمت فيها ولا عوج لا ضيق فيها ولا
حرج أوامرها غذاء ودواء
نواصيها صيانة ووجاء ذلك هو الدين الذي جاء به محمد ـــ صلى الله عليه وسلم
ـــ

سيدي يا رسول الله :
علمتنا سر الحياة وقدتنا للخير والتوفيق والبركات
جنبتنا الزلل الكبير وصنتنا من شهوة تطغى ومن نزوات
من يقصد الدنيا بدونك يلقها تيها من الأهوال والظلمات
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ
مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا
بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى
أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ .... } ( سورة الشورى
الآية 13 )
............................................
ذكرى لخير الخلق لا نلقى لها ذكرى تدانيها وتزجي السؤددا
ذكراه ليست في ربيع وحده بل كل وقت في آذان رددا
عند الصلاة وعند نطق تشهد لله ذكره رسولا عابدا
لهج اللسان مسلما ومباركا والقلب بالتحنان يهفوا راشدا
اللهم صل على سيد الخلق محمد ـــ صلى الله عليه وسلم ــ
إن عظمة رسول الله ـــ صلى الله
عليه وسلم ـــ والتي شهد له بها الأعداء والأتباع أنه بلغ رسالة ربه وترك
السبيل منهجا واضحا أحل الحلال وحرم الحرام
وحارب وسالم وتوفي ــ صلى الله عليه وسلم ـــ كما قال أبو ذر وما طائر يحرك
جناحيه في السماء إلا وقد ذكر لنا منه علما { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي
الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا
مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ
الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ
مُبِينٍ } ( سورة التغابن
الآية 2 )
أيها الأخوة المؤمنون : أيها
الأخوة الموحدون أيها المتحابون لجلال الله أيها المحبون لرسول الله ـــ
صلى الله عليه وسلم ــــ في مشارق الأرض
ومغاربها يا أنصار الحق والهدى يا أهل العلم والتقى من رجال ونساء الأمة يا
أتباع سيد الورى ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ يا دعاة الخير والسداد يا
رجال الدعوة والإرشاد يا
كل هؤلاء في كل مكان لكي تكونوا أوفياء لنبيكم صادقين في انتسابكم إليه لكي
تكونوا محمدين بحق بلغوا رسالة ربكم التي جاء بها نبيكم أنبئوا الناس
رسالة الله ـــ عز وجل ـــ
علموا جاهلهم وعظوا غافلهم وانصحوا معرضهم وجادلوا مبطلهم ليكن أمر دين
محمد ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ همكم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وظيفتكم نشر التوحيد
ديدنكم لا تكونوا شتى وأمر عدوكم مجتمع تعاونوا وتكاتفوا وتآزروا ولا
تقصروا بشروا ولا تنفروا يسروا ولا تعسروا أملوا وأبشروا وبينوا ولا تكتموا
فهذه كلها وصايا نبيكم
ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ .
يا رسول الله يا خير البشر أنت من دنياي كنز مدخر
يا عظيما الجاه في يوم اللقا عند مولاه المليك المقتدر
يا رسولا دون شك دينه خير دين للبرايا قد ظهر

إن
أيامنا السعيدة التي نحتفل بها ينبغي أن تكون وقفة للمراجعة مع أنفسنا
وتصحيحا لمسيرتنا الإيمانية وصفحة جديدة مع خالقنا ذلك لأننا
خير أمة أخرجت للناس صاحبة خير كتاب وارثون للحق ناطقون بالكتاب شهداء على
الناس خلفاء على الأرض , ولقد كان نبينا ـــ صلى الله عليه وسلم ــــ حريصا
على أمته رؤوفا رحيما
بهم متواضعا لربه ولأتباعه آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر قد أفنى حياته في
رضا ربه .
في ظلام الليل منفردا قام يدعوا الإله الواحد الصمدا
عابدا لم تبقي طاعته فيه لا روحا ولا جسدا
فالحديث عنك مفتاح القلوب وبهجة
النفوس يا من أخرجنا بك ربك من الظلمات إلى النور وهدانا بك إلى الصراط
المستقيم وأحيانا بك من الموات وجعلنا بك خير
الأمم وفضلنا بك على الناس أجمعين وكتب لنا بك الرحمة التي وسعت كل شيء {
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ
وَيُؤْتُونَ
الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } ( سورة الأعراف
الآية 156 )
..............
يا من كنت داعيا للهداية والجهاد فكنت إلى أبد الآبدين قلعة الإيمان والحق ومنطلق العدل والخير .
علمتنا يا سيدي العزة في أسمى معانيها وأرشدتنا يا سيدي إلى التعاليم الجليلة وجئتنا بالمباديء الأصيلة
على الأخلاق الفاضلة ربى رسول
الله ــ صلى الله عليه وسلم اصحابه الأجلاء فكانوا هم الأعلون سندا ومبادئا
ومنهجا مبدأهم هو المبدأ الأصيل ومنهجهم
هو القرآن الكريم وسندهم هو الرب الفضيل الطاعة ديدنهم والذكر نشيدهم
والذود عن دينهم غايتهم والجنة مآلهم ركبوا متن التاريخ وأسمعوا أذن الزمان
وانططوا بحار المجد
يرفعون لا إله إلا الله فرضي الله عنهم ورضوا عنه وبذلك كانوا المنصورين
بفضل الله تعالى
إذا أنت أكثرت الصلاة على الذي صلى عليه الله في الآيات
وجعلتها وردا عليك محتما لاحت عليك بشائر الخيرات
قال أبو بكر ــ رضي الله عنه ــ
الصلاة على رسول الله أمحق للخطايا من الماء للنار والسلام عليه أفضل من
عتق الرقاب وحبه ــ صلى الله عليه وسلم ــ
أفضل من مهج الأنفس

البواعث
تنم عن حب لصاحب الرسالة ولكن الاحتفالية العملية لهذا الحب تقتضي صدق
الاتباع لمنهج النبي الكريم ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ

تعظيم ما جاءنا به من الشريعة القائمة على الكتاب والسنة كما فهمهاسلف هذه الأمة
إنه واجب علينا أن يتحد أهل
الإسلام وما الحق إلا أن يطبقوا منهج الله تبارك وتعالى وما الحق إلا أن
توزن بميزانها الصحيح من القرآن والسنة فعلى
الغافلين أن يتيقظوا وعلى المذنبين أن يقلعوا وعلى القانطين المتأيسين أن
يستبشروا وأن يتفاءلوا وعلى الطائعين المستقيمين أن يثبتوا فلابد للهمة
العالية أن تنال
مطلوبها ولا بد للعزائم المتوثبة أن تدرك مرغوبها
أيها الأخوة : ـــ
ديننا دين القيم والمباديء تراث
خاص تنهض به الأمة صاحبة الرسالة وارثة الأنبياء حفيدة الراشدين إن حضارة
الأمة تقاس بمبادئها في أخلاقها في إقامة
العدل واحترام الحق فقيمة المسلم في إيمان وأخلاقه وصحة معتقدة
ما أعظمك وأكملك فأنت الرحمة
المهداة وأنت النعمة المسداة وأنت خليل الرحمن وأنت صفوة الأنام لا طاعة
لله إلا بطاعتك ولا تمام للإيمان إلا بتحقيق
محبتك { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي
يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ } ( سورة آل عمران الآية
31 ) ويقول عمرو بن العاص ما كان احد أحب إلي من رسول الله ــ صلى الله
عليه وسلم ـــ ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا
له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت
لأني لم أكن أملأ عيني منه أبدا .

عادت
الذكرى لتترجم ترجمة عملية قول ربنا عز وجل { وَلَقَدْ سَبَقَتْ
كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِين إِنَّهُمْ لَهُمُ
الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} ( سورة الصافات
الآيات 171 , 172 , 173 ) وعد من الله لا يخلف بأن يسود هذا الدين وتبقى
عقائد الحق هي الأظهر والأبقى
والأكمل تتحقق في كل دعوة لله مخلصة وفي كل دعاء لله صادقين مخلصين تتجدد
دعوة رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ مع كل آذان ينطلق على مئذنة من
مآذن المساجد في العالم
كله الله أكبر بدد به الله جميع الظلمات هدى به من الضلالة وعلّم به من
الجهالة وأرشد به من الغواية وكثّر به بعد القلة وأعز به بعد الذلة وأغنى
به بعد العيلة
اعلم أخي المسلم : ـــ أن سعادتك
في الدنيا والآخرة معلقة بهدي النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ــــ واتباعة
والاقتداء به فاللهم إنا نسألك صدق محبة
نبيك
يا خير من جاء الوجود تحية من مسلمين إلى الهدى بك جاؤا
بك بشر الله السماء فزينت وتضوعت مسكا بك الغبراء
يا أيها الأمي حسبك رتبة في العلم أن دانت لك العلماء
المصلحون أصابع جمعت يدا هي أنت بل أنت اليد البيضاء

الذكرى وحال الأمة
أنت إلهنا وأنت ملاذنا وأنت
عياذنا عليك يا رب اتكالنا اكشف عنا وعن المسلمين كل بلاء احفظ منا ومن
المسلمين الأعراض والدماء اصرف عنا وعن المسلمين
كل ضراء ادفع عنا وعن المسلمين كل بأساء
نجتمع في هذا المساء لنتذاكر فيه
طرفا من سيرة سيد الخلق وحبيب الحق ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ ويقلب
الله الليل والنهار وفي ذلك عبرة لأولى
الأبصار تمر السنون والدهور وتحل علينا الذكرى في كل عام سنن إلهية لا
تتغير ولا تتبدل ربما تتغير الأحوال وتتعاقب الأزمان وتبقى عظمة محمد ــ
صلى الله عليه وسلم ـــ
شاهدة على أنه الزعيم العالمي الأول والقائد الرباني الأوحد الذي جاء إلى
البشرية بخير دين وخير رسالة استنارت به الأرض بعد ظلمتها واهتدت به
البشرية بعد حيرتها فكّون
أمة أخرجها من غياهب الضلال إلى نور الإسلام ومن ظلمة القبيلة إلى عدل
الشريعة , ومن أوهام الشرك إلى عدل الإيمان .
صلاة وسلاما عليك يا سيدي يا رسول الله يا صاحب الذكرى
يا من تبسمت لأبي بكر في رحلة
الهجرة عندما لحق بك سراقة تبسمت لأنك تعلم علم اليقين أن رسالتك ستبقى
ويموت الكفار سوف تبقى دعوتك حية ويموت
المجرمون سوف تنتصر مبادئك وتبيد جيوش الظلام إنها والله دروس لو وعتها
الشعوب لكانت أهلا للنصر والعدل والخير والسلام
إن العقيدة في قلوب رجالها من مدفع أقوى وألف مهند
جاء رسول الله ـــ صلى الله عليه
وسلم ـــ قبل أربعة عشر قرنا من الزمان جاء بدين العظماء دين الأهداف
الجليلة والأخلاق النبيلة والمباديء الأصيلة
.
جاء بدين العقلاء والشرفاء علمنا
رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ أن التمكين يحتاج إلى تمكين وأن
النصر يحتاج إلى نصر علمنا ـــ عليه الصلاة
والسلام ـــ أنه لكي يكون التمكين في الأرض للمسلمين فلابد أن يتمكن
الإيمان في القلب ولكي يكون نصر على الأرض فلابد أن ينتصر دين الله في
القلب .
أيها الأخوة :
ونحتفل بالذكرى ونجلس هنا وهناك
لنتدارس سيرة أفضل خلق الله على الإطلاق ونذكر دائما وأبدا في مثل هذه
المناسبات أن المستقبل للإسلام وأن دين الله
منتصر لا محالة وأن دعوته ــــ صلى الله عليه وسلم ـــ ظاهرة وأنه لو تحول
كل الناس لكي يهيلوا التراب على السماء فلن يهيلوه إلا على رؤسهم .
سيأتي الضياء برغم الغيوم ويشدوا الطيور بذاك القدوم
وقرآننا ذلك القائد وفي كفنا شعلة من علوم
وفي روحنا سنة المصطفى وفقه الشريعة علم يدوم

سيدي يا رسول الله : ـــ
يا من علمتنا كيف نثق بالله تعالى
بقولتك الخالدة التي ما زالت تتردد في سمع الزمان لا تحزن إن الله معنا ,
وقولتك الراشدة يوم أحد الله مولانا ولا
مولى لكم , عبارتا تصلحان دستورا لأهل الأرض جميعا إن هم آمنوا عبارتان هما
طريق الفلاح وسبيل النجاة
علمتنا يا سيدي حيث أشرق على
الدنيا ضياؤك أنه لا إله إلا الله وأنه قد آن للمنكر أن يُنكر وأنه قد آن
للربا أن يُهجر وأنه قد آن للأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر أن يظهر وأن قد آن للدنيا كلها أن تتطهر .
جاءنا رسول الله ـــ صلى الله
عليه وسلم ـــ معلنا أن أمن الدنيا لا يكون إلا في ظل الإسلام والإيمان وأن
المحافظة على الدين ملاذ من كل بلاء وعز من
كل ذل وقوة أمام كل قوة وعدة لكل شدة .
أيها الأخوة المؤمنون :
نذكر أن الاتجاه إلى دينه يتاصل
ويتسع يوما بعد يوم وأنه دين يعلو ولا يعلى عليه ومن هنا فقد آن للمسلمين
أن يعودوا إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم ـــ صلى
الله عليه وسلم ـــ أن لهم أن يعودوا إلى معين عزهم ومصدر قوتهم ووحدتهم
لتعلم أمتي ولتعلم الدنيا كلها أن العقيدة الإسلامية جامع للعِقد المتناثر
ومؤلف للشتات المتناكر
وناظم للرأي المتنافر وأنه لا درب سوى الإسلام ولا إمام غير القرآن ولا نهج
إلا نهج سيد الأنام ــــ صلى الله عليه وسلم ـــــ
اقرأوا التاريخ إذ فيه العبر ضل قوم ليس يدرون الخبر
..................
إن هذه المناسبة تدعونا إلى النظر
في عظمة نبينا ــــ صلى الله عليه وسلم ـــ وشرف الرسالة التي جاء بها من
عند ربه فأقام بها أمة أرسى من الجبال
وأسس مباديء أعظم من التاريخ وخرجت دعوته ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ قادة
الدنيا إلى كل فضيلة فحملوا للعالم من حولهم نور الهداية ففتحوا البلاد
ببدر والقادسية واليرموك
وحرروا المقدسات بحطين وعين جالوت حكموا الأمة بالقرآن المجيد والإسلام
العظيم ابتغوا العزة من الله فأعزهم ونصرهم بسطوا سلطان الأمة بخلافة راشدة
ماجدة .
واليوم نحتفل هل من عودة إلى دين
الله هل من عودة إلى حمل رسالة الإسلام من جديد كحركة فاعلة فكرا وتطبيقا
ومنهاج حياة لإصلاح بشرية إنها آمال

ونستروح
معا معاني الذكرى التي تنطق بما جاء به رسول الإنسانية أن الإسلام حسن
العاقبة وكرم المآل لم تضعف عراه ولن يتزلزل بنيانه ذلك لأن
الله تكفل بحفظه من قديم
ومن هنا أيها الأخوة
فإن دين الإسلام دين ثابت لا يتزعزع عزيز لا يقبل الذل أبيٌ لا يقبل الضيم شامخ لا يقبل الباطل
يا أيها النبي حسبك رتبة في العلم أن دانت بك العلماء
الذكر آية ربك الكبرى التي فيها لباغي المعجزات دواء
دين يشيد آية في آية لبناته السوارت والأضواء
الحق فيها هو الأساس وكيف لا والله جل جلاله البناء
لقد جاء الإسلام لإصلاح القلوب
وتقويم الأخلاق جاء لجمع الكلمة جاء معلنا للدنيا كلها أن سنن الله في كونه
أقدار مورودة وأقضية مبتورة لله في
طياتها الفرح القريب وهو السميع المجيب
بعون الله تنقشع المآسي ويأتي الصبح في أبهى انتصار
فيا قدس الطهارة لن تضيعي ونبض قلوبنا في الصبر ساري
ففجر الحق محتوم البزوغ وفجر الشر محتوم الفراري
أمتي أمة الإسلام يا خير أمة
أخرجت للناس يا أمة التوحيد والتاريخ يا من أعزك الله بالإسلام وجعلك شاهدة
على الناس ما أشد حاجتنا اليوم إلى وقفة
تأمل ومحاسبة ومراجعة لنعزز مسيرتنا ولنتبوأ مكانتنا الطبيعة ومنزلتنا
الريادية على الكوكب الأرضي الذي ينشد سكانه مباديء الحق والعدل والسلام
والأمن والوئام

أجل يا أمة الإسلام هُبي فهذا النوم سابقة خطيرة
مكانك فوق الثريا وهذا المجد أنت به جديرة
سبحان الذي اختار محمدا وأيده
بحكمته وسدده بعصمته وأرسله بالحق بشيرا برحمته ونذيرا بعقوبته فبلغ ما
أرسل به ونصح لأمته وجاهد في ذات ربه وكان
رحيما بالمؤمنين عزيزا على الكافرين
وكان لكل نبي فضيلة تميز بها ولكن
رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ــ جمع كل الفضائل والصفات فكان فيه صبر
أيوب وعفو يوسف وطاعة إسماعيل وتضحية
إبراهيم ولقد طالبنا الله بأن نقتدي به في كل ذلك في قوله تعالى { لَقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو
اللَّهَ وَالْيَوْمَ
الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } ( سورة الأحزاب الآية 21 ) وموالاة
السعادة والنصر هي موالاة الله ورسوله والمؤمنين
ولقد بين الله سبحانه وتعالى ما
صنع بأولياءه من نصر وإعزاز ليهب الثقة بهذه الأحداث التاريخية الصادقة
قلوب الراغبين وهي أحداث لم تقم على الصدفة

فالنار تعطلت عن الإحراق لنجاة
إبراهيم فكانت بردا وسلاما والسماء تفتحت أبوابها بماء منهمر وتفجرت الأرض
عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر
لينجوا نوح ومن آمن , والبحر قد انشق فريقين لضربة موسى فكان كل فرق كالطود
العظيم ليأخذ موسى ومن آمن طريقهم يبسا لا يخاف دركا ولا يخش غرقا وقد
انطبق على فرعون وجنوده ,
ومعية الله تعمي العيون عن محمد ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وصاحبه إذ هما
في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا .
وما زالت سنة الله ماضية إلى يوم
القيامة بنصر أولياءه المؤمنين المخلصين { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ
وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ
اللَّهِ هُمُ
الْغَالِبُونَ } ( سورة المائدة الآيتين 55 و 56 )
صلاة وسلاما عليك يا سيدي يا رسول الله
إمام الأنبياء ولا أحاشي ضياؤك مذهب عنا الغواشي
ونورك منه كل الخلق ناشيء وباسمك أقسم الله العظيم
علو في الحياة وفي الممات لمن بك آمنوا خير الهداة
ومن ضلوا سبيلك في الحياة لهم خزي وفي الآخرة جحيم
صلاة وسلاما عليك سيدي يا رسول الله أبا القاسم يا رسول الله

يا من علمتنا أن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة إنها جنة الإيمان واليقين
الإيمان الذي يصنع العجائب واليقين الذي يحيي الضمائر الإيمان الذي يصنع الحياة وفق رسالة الإسلام
الإيمان الذي يقود الدنيا بالدين , الإيمان الذي يجفف منابع الشر ويحقق أهداف الأمة ويبني قوتها على الحق والعدل وفق منهج الله .
بالشرق أو بالغرب لست بمقتدي أنا قدوتي ما عشت شرع محمد
حاشاي يطويني سراب خادع ومعي كتاب الله يسطع في يدي
إنه النبي الذي أضاءت له الدنيا
وسعدت بمولده الأزمان هذا النبي الذي ابتعثه ربه تبارك وتعالى وأعلن شعاره
منذ أول يوم بعثه الله فيه أنه رحمة
للعالمين جاء هذا النبي فوضع الإيمان في يد ووضع الدنيا كلها في يده الأخرى
فانتصر الإيمان وانتصر الحق والعدل به ودانت له الدنيا من مشرقها إلى
مغربها هذا النبي الخاتم
الذي تكتلت الدني كلها ضده في يوم من الأيام وأطاق من أجل دعوته ما لم تطقه
البشرية كلها على امتداد عمرها عبر آلاف السنين هذا النبي الذي جعله الله
تبارك وتعالى كما جعل
الشمس في كبد السماء
هذا النبي الذي علمنا دائما وأبدا أن
ما قضاه ربنا كائن وما قدره واجب وما سطره منتظر ومهما يشأ الله يكن وما
يحكم به الله يحق لا رافع لما وضع ولا واضع
لما رفع ولا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع وما شاء ربنا صنع فلا جزع ولا
هلع وإنما صبر ومصابر وفأل بأن المستقبل لدين الله تبارك وتعالى وأن
العاقبة للمتقين والله غالب
على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
صلاة وسلاما عليك سيدي يا رسول الله
لقد أراد الله عز وجل أن يمتن على
العالم برجل يمسح آلامه ويخفف أحزانه ويستميت في هدايته ويأخذ بناصر الضعيف
ويقاتل دونه قتال الأم عن صغارها ويقيض
شوكة القوي حتى يرده إنسانا سليم الفطرة فأرسل محمدا ـــ صلى الله عليه
وسلم ـــ وسكن في عقله العلم والحلم وفي قلبه الإناس والبر طبعه السهولة
والرفق وفي يديه السخاوة
والندى
سيرة المختار نور في هداه سنسير
لن نضل الدرب يوما في حمى الهادي البشير
روضه فاضت عطورا رطبت حر الصدور
ورحيق سائغ للناس مختوم طهور
..............
فهنا تحلوا الحياة هنا آيات ربك فاقرأ إنها الحكم
عقل البرية مخطوط هنا وبه تبنى الصروح وتعلي شأنها الأمم
إن كان للمال فضل في البناء فلم يثقل عن القرآن ميزانا وإن زعموا
فالآي أثقل ميزانا وإن وزنت بها الجواهر يرسوا عندها الرقم
............ الأنام ومن به ينجوا العباد بموقف الأهوال
إن الصلاة على النبي حبيبنا من أفضل الأفعال والأعمال
فهو النبي المصطفى علم الهدى الطيب الأقوال والأفعال

يا من كانت معجزاتك تحدث بمجرد وقوفك أو مرورا من غير إذن من ربك ولا أمر
فإن كانت النار بردا وسلاما على إبراهيم بإذن الله عز وجل
وإن كان عيسى يبريء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله
وإن كانت معجزات موسى التسع بأمر من العليم القدير
فإن معجزاتك كانت على غير هذا النحو
فقد اهتز بك أحد حينما أحس بوجودك عليه
وأسرعت بك ناقة حليمة وسبقت غيرها عندما ركبت وأنت رضيع بعد أن كانت ضعيفة هزيلة ,
وأخبرتك الشاة أنها مسمومة
وحن إليك الجذع وهو جماد
وكلمك البعير
أنه بارك الطعام حين نظر فيه وأكل
منه الناس جميعا حتى قال القائل لو كنا مائة ألف يومها لكفانا ووضع يده في
الماء ففار حتى شرب الجيش ولو وجدت أمة
بأكملها لشربت
وجاء الأعور فتفل ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ في عينيه فبأرت وقال الصحابة يومها كنا والله لا نعرفها من السليمة بل هي أجمله

وقال علي بعد الهجرة للصحابة لو رجعنا إلى مكة لرأيتكم المكان الذي كنت
أسير فيه خلف رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ فأسمع الحصى يقول
الصلاة والسلام عليك يا رسول
الله .
إذا طيب الناس المجالس بينهم مداما وريحانا فذكرك طيبنا
ولو كانت الدنيا نصيبا لأهلها فحبك من كل الآنام نصيبنا
وإن كان حب الخلق بعضا لبعضهم فأنت من الخلق الجميع حبيبنا
...............................
رباه ألهمني وحل لساني واشرح جناني في هدى وبيان
كيلا أغرد مادحا خير الورى نور أضاء بصيرتي وجنان
نورا فاض على الوجود هداية جلت عن الأوصاف والتبيان
فتمسكوا بتراث أحمد واقتفوا نهج الحديث ومنهل الفرقان
صلى عليه الله خير صلاته ما غاب عنا أو بدا القمران

نحن في هذه الأيام نتعرض فيها للنفحات ونستلهم العبرة ونتدارس السيرة العطرة لأفضل رسول وخير نبي
ونشأة الرسول ـــــ صلى الله عليه
وسلم ـــ وحياته كلها عبرة وجهاد وإصلاح وإرشاد جهاد في سبيل الله وإصلاح
لما فسد من الفطر والعقول وإرشاد للخلق
إلى طريق الحق أرسله ربه إلى الدنيا كلها بدين واضح البنيان ميزانه حق لا
يخالطه باطل , وصراطه مستقيم لا يعتريه خلل من هنا فقد صنع الرسول ـــ صلى
الله عليه وسلم أمة جهاد
ومجاهدة وصبر ومصابرة هي المنصورة دائما مهما صدقت وأخلصت لأن الله تعالى
كتب لها العزة ما أحرانا ونحن نحتفل بالذكرى العطره أن نتطلع إلى جيل يعرف
عدل عمر ونجدة المعتصم
وفتوحات صلاح وأمجاد قاهر التتار وفاتح القسطنطينة
يا من أخبرتنا أن هذا الدين سيبلغ
ما بلغ الليل والنهار وأن هذا الدين لا يترك بيتا على وجه الأرض إلا دخله
مهما بلغ كيد الكائدين وعناد المعاندين
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين
يا من علمتنا أن الحكمة وأساس
التخطيط من أساسيات الدعوة إلى الله كم نحن في حاجة ماسة إلى مثل ذلك في
عصرنا لأن العشوائية وارتجال المواقف والتكبر
قد جنت الأمة من ويلاتها الكثير في عصر مشحون بالعداوة للإسلام مبوء يحب
الطلم والهيمنة ونحن نعيش الذكرى العطره نتمسك بالأسوة ونترسم الخطى
المحمدية نذكر أن التربية
الجادة على منهج القرآن وسنة نبي الإسلام هي العامل الأول من عوامل الصمود
أمام الباطل وأهله هكذا علمنا رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ أن
الصبر والابتلاء سنة
ماضية وأن أهل الإيمان لابد أن يتعرضوا للفتن تمحيصا وإعدادا وأن الحق لابد
له من قوة تحرسه وترهب أعداءه

كل العدا قد جندوا طاقاتهم ضد الهدى والنور ضد الرفعة
إسلامنا هو درعنا وسلاحنا ومنارنا عبر الدجى في الظلمة
هو بالعقيدة يرفع أعلامه فامشي بظل لواءها يا أمتي

بارك الله فيك
وكل عام وانتم بخير

:16:

» خواطر زوجية
» خواطر أعجبتني
» بالصور.. "مستقبل وطن" بالوادى الجديد تنظم مسيرة لإحياء ذكرى الثورة
» أحب اللي يحب الخير
» مفاتيح الخير