إن لله نعماً عظيمة على خلقه لا تُعد ولا
تُحصى ، ومن أجل النعم التي أسبغها الله
على عباده نعمة الكلام فقد كرمه الله بها على سائر خلقه ، وتلك نعمة
تستوجب
الشكر كباقي النعم ن وشكر الله على هذه النعمة تكون باستخدام اللسان في كل
خير
منشود ، وكفه عن كل شر وسوء ، وقد وصف الله سبحانه عباد المؤمنين بقوله :(
قد
أفلح المؤمنون . الذين هم في صلاتهم خاشعون . والذين هم عن اللغو معرضون )
فالبعد عن اللغو من أركان الفلاح ودلائل الكمال . وقال عليه الصلاة
والسلام : (
لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه )
.
والإيمان قوة عاصمة عن الدنايا ، ودافعة إلى المكرمات ، فعلى المؤمن أن
يعود
لسانه على الجميل من القول ، وليعلم أن ألفاظه محسوبة عليه ، وأنه محاسب
عليها
، لقوله تعالى : ( ما يلفظ من قول إلى لديــه رقـيب عتيد )
وما نراه في هذه الأيام ونسمعه من عدد كبير من الناس عامة ، ومن المسلمين
خاصة
هو الهدر في الحديث دون وعي يقظ ، ولا فكر عميق ، فهم يلقون بالكلمات
المسترسلة
دون تبصر ، وبهذا تقودهم ألسنتهم إلى مصارعهم ن ونضرب أمثلة على بعض
الكلمات
والجمل التي تصدر من بعض أفراد المجتمع والتي يتفشى ضررها وتنتقل من جيل
إلى
جيل وكأنه تراث لا يفنى ، فمثلاً : ( الله يجعلني آخذ ضيمك ) ( الله يطعني
عنك
) (الله يقبرني عنك ) ( لقطوني قدامك ) ( أخذوك ) فدعيني أختي المسلمة
أطرح
عليك سؤالاً :
لو أصيبت إحدى قريباتك أو صديقاتك بمرض خطير ، هل تتمنين أن ينتقل هذا
المرض
إليك ؟ لا والله ! ليس منا من يتمنى المرض ، والأمر الآخر ، نحن نعلم أن
الابتلاء من أقدار الله على عباده ،ليس من حقنا التصرف فيه ، فالخالق هو
المتصرف ، يبتلي من يشاء ، ويدفعه عمن يشاء ، ثم الدعاء على النفس ، وهذه
من
المنهيات التي حذرنا منها الحبيب المصطفى ، فقد نهى عن الدعاء بالموت أو
تمنيه
، ثم الدعاء بقولك :( الله يطعن عنك ) أفلا تخشين أن تكون أبواب السماء
مفتوحة
فتستجاب دعوتك ، ويا ترى ! ما الأسباب التي تدعوك لقول هذه الكلمات ؟ أكل
هذه
محبة في تلك المرأة أو تلك الصديقة ؟ أم أنها عادة توارثتيها عن الآباء
والأجداد ؟ فلو أنك انتقيت طيب الكلام وقلت لها : ( عـــافــاك الله ) (
نــــــور الله قـــلبك ) ( أســـعدك الله ) أمــا كـان ذلــك خــــــير
لــك
ولــــها .
وليكن لك في رسول الله أسوة حسنة ، فالأدب النبوي يعلمنا أن لا نتكلم إلا
حقاً
وصدقاً . وبذلك نسلم من كثرة السيئات ، ويسلم المجتمع من الفتن . ونعلم أن
حياتنا ليست سدى ، وقد أرشدنا المصطفى إلى ما فيه صلاح ديننا ودنيانا ،
وأن لا
يستهين المسلم بهذه الدعوات والتي منها اللعن والعياذ بالله الذي بات
سهلاً على
كثيراً من الألسنة ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن العبد
إذا
لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء ، فتغلق أبواب السماء دونها ، ثم تهبط
الأرض
فتغلق أبوابها ، ثم تأخذ يميناً وشمالاً . فإن لم تجد مساغاً رجعت إلى
الذي لعن
، فإن كان أهلاً ، وإلا رجعت إلى قائلها ) رواه أبو داود.
وورد أن رسول الله دخل على إمرأة مريضة فوجدها تلعن الداء وتسب الحمى ،
فكره
منها هذا المسلك وقال لها مواسياً : ( إنها ــ أي الحمى ــ تُذهب خطايا
ابن آدم
كما يُذهب الكير خبث الحديد ) .
وقد قال الفضيل بن عياض : أشد الورع في اللسان .
فاتقي الله يا أختي المسلمة وراقبيه في كل صغيرة وكبيرة ، واستغفري الله ،
فإذا
انزلق المسلم إلى ذنب وشعر أنه باعد بينه وبين ربه فليلحقه بالإستغفار .