إن الزواج لسنة الله في خلقه، لمن استطاع الإتيان بحقه، فهو امتثال لأمر رب العالمين، واتباع لهدي سيد المرسلين، وهو اللبنة الطيبة لبناء أسر مسلمة جديدة، لإقامة مجمتعات إسلامية سعيدة، وبه يشيد المسلم بيته لتربية الأجيال، وصناعة الرجال، وهو إكمال لنصف الدين، فاظفر بذات الدين، وهو السبيل للعفاف، ومن أسباب الطهارة والإستعفاف، وليس هو المقصود بذاته، وإنما وسيلة لتحقيق رضوان الله ومرضاته، ففضائله الجليلة، ومقاصده النبيلة، يصعب حصرها وعدها، ويكفي أن البارئ تعالى ذو الرحمة، أخبرنا أن فيه سكناً ومودةً ورحمة، فما أعظمها من نعمة، وما أجمله من إحساس وأسماه، وما أروعه من شعور وأبهاه، حينما تُرزق بزوجة صالحة، تقية عفيفة ناصحة، إن نظرت إليها أسرتك، وإن أمرتها في معروف أطاعتك، تعينك على رضا ربك وطاعته، وتحثك على حبه وعبادته، فإن غفلت ذكرتك بكل رفق، وإن هفوت سددتك بكل لطف، وإن تهت أرشدتك بكل رحمة، وإن فترت شحذت همتك بكل حكمة، وإن حزنت تقاسمت معك أحزانك ، وإن فرحت شاركتك أفراحك، وإن أملت خيرا تمنت تحقيق آمالك، وإن غبت عن بيتك حفظتك في عرضها ومالك، وإن كان لك أطفال ربتهم على حب الله ورسوله، وأنشأتهم على مبادئ الإسلام وأصوله، فبأسباب راحتك مهتمة، وبمفاتيح سعادتك ملمة، تحبك حبا صادقا عفيفا، خالصا نقيا شريفا، يترجمه نبض قلبها ومشاعرها الرقيقة، وإحسانها لك ولأهلك بمعاملتها الرفيقة ، ابتسامتها لك لا تفارق شفتيها، وصدقها ينبيك عنه بريق عينيها، فهي أم في وئامها وحنانها، وأخت في لطفها وعطفها، وزوجة في حبها ورقتها، ملكة بسترها وحجابها، وأميرة بوقارها وأدبها، وأمة في طاعتها وقربها من ربها،إنها زهرة الدنيا ونضرتها، وبلسم الحياة وبهجتها، قلبها الصفاء، ووعدها الوفاء، وخلقها الحياء، وهمتها العلياء، معلقة في السماء، وأنت تعيش معها في سعادة وهناء، وتسأل الله أن يجمعك بها في أعال الجنان، فتكون زوجتك في الدنيا وفي الآخرة بإذن الحليم الكريم المنان، فهو المستعان، وعليه التكلان، ولا تقل هذا محال، فالصلاح موجود في كل حال، ولازال في أمتنا الخير، رزقني الله وإياك مافيه الخير، والصلاة والسلام على النبي العدنان، وعلى آله وصحبه الكرام، والحمد لله خالق الأنام .